روسيا وإيران.. تحالف مصالح كلمة السر فيه "أميركا"

Medya Dili | Üst-ileri
(1)

لعل صور اللقاءات الحميمة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين مع المسؤولين الإيرانيين في طهران أمس الأربعاء، ترسل الرسائل في أكثر من اتجاه، لكن أبلغها ما أراد الطرفان إيصاله للولايات المتحدة التي يبدو أنها كلمة السر في التعاون المتصاعد بين روسيا وإيران.

(2)

زار بوتين طهران والتقى المرشد الأعلى علي خامنئي والرئيس حسن روحاني على هامش قمة ثلاثية إيرانية روسية أذرية، بحثت التعاون المتصاعد في إقليم بات يتمدد من بحر قزوين شرقا ليصل إلى علاقات دافئة مع تركيا، وبينهما العراق وربما يضم سوريا.  وأهم ما بحثه بوتين في طهران هو بناء روسيا مفاعلين نوويين جديدين في بوشهر، في رسالة تبدو بالغة الأهمية لإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الذي اتخذ موقفا صارما من طهران، إضافة إلى اتجاه الكونغرس الأميركي لإعلان سلسلة جديدة من العقوبات على طهران بسبب برنامجها الصاروخي وما يوصف بدعمها للإرهاب في الشرق الأوسط.

(3)

وإضافة للبرنامج النووي الذي تولت موسكو تطويره منذ عام 1995، تتجه روسيا لاستثمار 30 مليار دولار في مجال الطاقة بإيران، فضلًا عن الإسهام الروسي اللافت في برنامج تسليح إيران، وما يجمع البلدين من مصالح في سوريا، ومصالحهما المشتركة في ملفات العراق وإقليم كردستان وأفغانستان، وغيرها من الملفات. 

(4)

ورغم كل أشكال هذا التعاون، فإن مراقبين ومحللين سياسيين يختلفون في توصيف العلاقة الإيرانية الروسية. فعلى الرغم من أن هناك من يعتبر أن البلدين يشكلان اليوم تحالفا إستراتيجيا، فإن آخرين يذهبون إلى اعتبار أنه تحالف مصالح حجر الزاوية فيه الضغط الأميركي على البلدين، وهو ضغط يبدو أنه كلما ازداد ساهم بشكل غير مباشر في توسيع طريق طهران موسكو. رئيس المجلس الروسي للعلاقات الدولية أندريه كورتونوف اعتبر أن بوتين يريد أن يرسل رسالة في ظل الموقف الأميركي المتشدد من طهران، وهي أن إيران جزء من الحل وليست جزءا من المشكلة. وفي السياق ذاته يعتقد الباحث الإيراني في العلاقات الإقليمية حسين رويوران أن الضغط الأميركي يساهم بشكل غير مباشر في دفع روسيا وإيران لتطوير التعاون بينهما أكثر فأكثر. 

(5)

لكن أستاذ العلوم السياسية في جامعة الكويت الدكتور عبد الله الشايجي يرى أن كلا البلدين يستخدم العلاقة بينهما من أجل إرسال الرسائل إلى الولايات المتحدة. ويذهب الشايجي إلى أنه لا وجود لتحالف إستراتيجي بين البلدين، وأن ما بينهما هو مجرد "لعبة مصالح" تساهم العقوبات الأميركية على البلدين في إطالة عمرها، ويشير بالذات إلى أن روسيا صوتت لصالح أربعة قرارات ضد إيران في مجلس الأمن الدولي. ويلفت إلى وجود خلافات بين البلدين في سوريا، فإيران التي كانت سيدة الموقف في الحرب هناك، تنازلت عن القيادة لصالح روسيا وباتت أقرب للمساعد منها للقائد، رغم أن ذلك لا يخفي وجود خلافات جوهرية بين البلدين في النظرة للحل في سوريا. وفي الملف السوري بالذات يعتقد خبراء في الشأن الإيراني أن التعاون الروسي الإيراني الظاهر على السطح يخفي كثيرا من الشك والقلق بين البلدين، وأن نظرة روسيا لـ"سوريا المفيدة" لنفوذها تختلف جذريا عن موقف إيران لـ"سوريا المفيدة" لها في إعادة تشكيل التركيبة الديمغرافية.

(6)

وفي الملف السوري أيضا ترى الباحثة المتخصصة في الشؤون الإيرانية في مركز الجزيرة للدراسات الدكتورة فاطمة الصمادي أن التحالف في سوريا بين موسكو وطهران سيتحول إلى خلاف، وربما صدام على طاولة الحل السياسي، لا سيما في ظل التفاهمات الروسية الأميركية، ورفض إيران التضحية بمصالحها الأساسية هناك. وتشير إلى أن إيران أنشأت مليشيات في سوريا أصبحت تمثل واقعا على الأرض يمكّنها من تعطيل أي حل سياسي لا يحقق مصالحها التي قدمت من أجلها تضحيات كبيرة في السنوات الست الماضية.

(7)

ملفات أخرى تؤكد أن علاقات طهران وموسكو بعيدة عن التحالف الإستراتيجي، وأبرزها -بحسب أندريه كورتونوف- الموقف من إسرائيل التي تتمتع بعلاقات إستراتيجية مع روسيا، في وقت تنظر إليها طهران بوصفها عدوا إستراتيجيا. كما أن الدفء الذي طرأ مؤخرا في علاقات روسيا بالخليج، والذي لخصته زيارة الملك سلمان بن عبد العزيز لموسكو، يشير إلى الأهمية التي تبديها روسيا للعلاقات مع دول الخليج التي تعيش على وقع توتر مع طهران.

(8)

والخلاصة أن العلاقة الروسية الإيرانية مرشحة للتطور بشكل أكبر في ظل تعاظم التعاون بين البلدين في مجالات الاقتصاد والتسليح والتعاون النووي، وأن خلافات الدولتين في ملفات أساسية أو فرعية ستساعد واشنطن في تأجيل تأثيرها طالما أنها تجمع البلدين في سلة العقوبات التي تستهدفهما على اختلاف مسمياتها وأسبابها وغاياتها.

قواعدDilbilgisi

الحروف الناسخة
من الأدوات النحوية السائدة في هذا التقرير الحروف الناسخة، وتعرف هذه الحروف في كتب النحو بـ"إنَّ و أخواتها".
 
* معانيها
أخوات "إنَّ" هي: أنَّ، ولَكِنَّ، وكَأَنَّ، ولَعَلَّ ولَيْتَ، ولكل منها معنى وسياق تستعمل فيه وذلك على النحو التالي:
- تستعمل "إنّ" و"أنَّ" للتوكيد.
- تستعمل "لَكِنَّ" للاستدراك.
- تستعمل "كَأَنَّ" للتشبيه.
- تستعمل "لَعَلَّ" للرجاء.
- تستعمل "لَيْتَ" للتمنّي.
 
* عملها النحوي
تدخل الحروف الناسخة على الجملة الاسمية فتنصب المبتدأ ويسمى اسمها وترفع الخبر ويسمى خبرها، وكثيرا ما يأتي خبرها جملة.
أمثلة: 
- إنَّ علاقةَ طهران وموسكو بعيدةٌ عن التحالف الإستراتيجي.
- هناك من يعتبر أنَّ البلدينِ يشكلانِ اليوم تحالفا إستراتيجيا.
- لعل صورَ اللقاءات الحميمة للرئيس الروسي ترسلُ الرسائلَ في أكثر من اتجاه.
 
 * استعمالها في الربط
توظف الحروف الناسخة أحيانا في تراكيب لربط الأفكار وتنسيق الفقرات، ومن أمثلة ذلك في هذا التقرير:
 
- رغم أن/ على الرغم من أنَّ... فإنَّ...
وهو تركيب يستعمل للربط بين موقفين متباينين والدلالة على حدث أو موقف غير متوقع من السياق مثل: فعلى الرغم من أن هناك من يعتبر أن البلدين يشكلان اليوم تحالفا إستراتيجيا، فإن آخرين يذهبون إلى اعتبار أنه تحالف مصالح.
 
-  كما أن...
وهو تركيب يستعمل لإضافة موقف أو دليل داعم للفكرة السابقة مثل قول الكاتب:
ملفات أخرى تؤكد أن علاقات طهران وموسكو بعيدة عن التحالف الإستراتيجي، وأبرزها الموقف من إسرائيل... كما أن الدفء الذي طرأ مؤخرا في علاقات روسيا بالخليج... يشير إلى الأهمية التي تبديها روسيا للعلاقات مع دول الخليج التي تعيش على وقع توتر مع طهران.
 
- والخلاصة أن...
وهو تركيب يستعمل في ختام العروض واستخلاص النتائج من تفصيل سابق، مثل:
والخلاصة أن العلاقة الروسية الإيرانية مرشحة للتطور...