يمكن القول بأن ما يدرسه الطلبة الأجانب من قواعد عربية خلال فصلين دراسيين يكاد يكافئ ما يدرسه الطلبة العرب في مدارسهم خلال اثنتي عشرة سنة، مما يعني أن الرؤية والفلفسة التي يتمتع بها أساتذة العربية للناطقين بغيرها فلسفة علمية عملية تحقق أهدافها على أفضل صورة وأبهى حلة، وهي تقوم على مجموعة مبادئ أهمها البدء في تدريس القواعد بالتأكيد على أنواع الكلام نظرياً وتطبيقاً.
2 - أتقن جدول إسناد الأفعال: الماضي والمضارع والأمر
ومن الجوانب التي يجب أن يهتم بها كل دراس للعربية من الناطقين بغيرها موضوع إسناد الأفعال في الماضي والمضارع والأمر؛ لأنها تشكل الفرشة أو البنية التحتية لكل ما ينبغي أن يُدرّس بعدها من مهام ووظائف لغوية ومهارات مختلفة، وهي تدخل في كل أنواع الكلام من سرد ووصف ومقارنة وحديث في الماضي أو الحاضر أو المستقبل. ولذلك ينبغي أن يكون موضوع الإسناد حاضراً عبر المستويات اللغوية، ومن الضروري ربط موضوع الإسناد بالأوزان العشرة، وعدم الاقتصار على الوزن الأول أي الفعل الثلاثي.
3 - اعرف الأساسيات: المرفوعات والمنصوبات والمجرورات
وثالثة الأثافي في مبادئ القواعد التي يجب ألا تغيب عن مناهج العربية للناطقين بغيرها عبر المستويات اللغوية موضوع المرفوعات والمنصوبات والمجرورات؛ لأنها تشكل أساس القواعد العربية على العموم، وهي اللبنات الأساسية المساعدة في تشكيل الطلاقة والدقة في آن.
4 - اقرأ وتأمل نظام تركيب الجملة في اللغة العربية
يقر جون ديوي بأن التأمل في الممارسات التعليمية قبل العملية التدريسية وأثناءها وبعدها من أنجع الوسائل في تنمية الكفاءة وتحسين الأداء، وهي ممارسة يجب على المعلم والمتعلم ممارستها بشكل يومي في شتى الجوانب، ومن أهم الموضوعات التي تستحق وقفات تأملية مستمرة نظام تركيب الجملة العربية بنوعيها الفعلي والاسمي، والتغييرات التي يمكن أن تجري عليهما.
5 - ادرس القواعد الشّاذة
لكل لغة نظام كلي، والنظام الكلي يتكون من مجموعة من الأنظمة الفرعية تتعاور جميعها في إنتاج اللغة المتحدثة، ولكل نظام مجموعة من القواعد التي تحكمه، فمنها ما هو منتظم ومنها ما هو شاذ، ولذلك يجب أن يتعرض الدارس لشقّي قواعد اللغة القياسية والسماعية، وينبغي توجيه انتباهه إليها، وإبراز أهمية الاستماع في اكتساب القواعد الشاذة ودراستها.
6 - حول القواعد إلى نصوص مكتوبة ثم مارسها شفوياً
لا تزال شكوى القواعد مستمرة منذ قرون، والقواعد الحقة هي التي يستطع أن يحولها المتكلم من قواعد مكتوبة إلى لغة متحدّثة، ولذلك يجب أن يتكون درس القواعد من شقين: نظري ميكانيكي، وعملي تطبيقي تفاعلي، ولا يتم الانتقال إلى موضوع آخر قبل التيقن من مقدرة المتعلم على إنتاج لغة تتضمن موضوع القواعد المدرس. فإذا درست طالباً مثلا كان وأخواتها، وتمكن منها نظرياً وميكانيكياً فلا أنتقل به إلى موضوع آخر قبل أن أمنحه فرصة إنتاجها عبر المقارنة بين صورة بغداد على سبيل المثال قبل الحرب وبعدها. وفي هذه الحالة سيستعمل هذا الطالب كان وأخواتها بشكل طبيعي سلس.
7 - مارس في كل زمان ومكان مناسبين
إن أقدر المتعلمين على اكتساب العربية هو الشخص الذي يتمتع بجرأة وثقة وإقبال على استعمال العربية في كل مناحي حياته، غير آبهٍ أو خائف من الوقوع في الخطأ، بل إنه يستثمر هذا الموقف حتى في تحويله إلى إستراتيجية لتعزيز عملية الاكتساب اللغوي، وعليه يجب على الدارس أن يمارس العربية في كل المواقف والأحايين التي يمكنه فيها استعمالها. فهذه هي البوابة الكبرى لإتقان اللغة وامتلاكها.
8 - صحح لنفسك واطلب من الآخرين التصحيح لك، ولا تخجل من أخطائك.
إن سياسة الانتباه لما ينتجه المتعلم نفسه والتصحيح الذاتي تعد فرصة ذهبية لتعزيز عملية التعلّم وصقل الكفاءة اللغويّة، بل إن المتعلم الشجاع هو مَن يطلب من أستاذه وزملائه التصحيح له على الملأ دون خشية أو قلق. وتشير الدراسات إلى أن الأخطاء التي يقع فيها المتعلم ويتم تصحيحها له من النادر أن يعود إلى الوقوع فيها مرة أخرى إذا أخذها على محمل الجدّ.
9 - قواعد جديدة في كلمات قديمة
من الضرورة بمكان في تعليم العربية للناطقين بغيرها ألا تتعدد المهام أو المهارات لدى تقديم مهارة جديدة أو موضوع جديد، بل يجب أن يكون الاشتباك مع موضوع واحد، فكلّما اتبعنا هذه السياسة كانت فرصة النجاح في هذه المهمة كبيرة وعالية، كما هو حال الجيش الحقيقي الذي إن خاض حرباً على جبهة واحدة ستكون فرص فوزه أعلى بكثير مما لو وزع جنوده على جبهات مختلفة في الوقت ذاته، وهذا هو الحال في تعليم العربية للناطقين بغيرها.
فلدى تدريس القواعد على سبيل المثال، حاول أن تقدّم القواعد الجديدة في كلمات قديمة ومألوفة لكي ينصب كل اهتمام الدارسين على القواعد ذاتها ولا يكون مقسماً بين القواعد والمفردات الجديدة.
10 - ادرس المصطلحات النحوية والصرفية واستعملها في حياتك اليومية
اختلف المشتغلون في مجال تعليم العربية للناطقين بغيرها في تدريس المصطلحات النحوية والصرفية، وبناء على تجربة أكثر من عقدين من الزمان في تدريس العربية للناطقين بغيرها لكل المستويات والمبتدئة خصوصاً فإنني أرى تدريس المصطلحات النحوية والصرفية للناطقين بغير العربية لعدة أسباب منها أن العربية تختلف عن اللغات الأخرى، وكون المصطلحات النحوية والصرفية كلمات وظيفية يومية يمكن استخدامها والاستفادة منها في سياقات أخرى كالفعل والفاعل والمبتدأ والخبر والحال والاستثناء إلخ.