معايير المادة اللغوية لمناهج غير الناطقين بالعربية

من أبرز المعايير العامة في مناهج غير الناطقين بالعربية على اعتبار أنها أنماط لغوية لا تختلف عن بقية الأنماط اللغوية الأخرى ما يلي:

أولا -المعيار النفسي:
وهو الأهم في رأيي؛ لأنّ الطلبة تحركهم عادة دوافع نفسية تثور داخلهم وتدفعهم دفعا إلى العلم فإذا لم تكن هناك دافعية داخليّة، أو دوافع نفسية كالحبّ، أو الحنين، أو العواطف بشتّى أنواعها فإن استمرار الطلبة في التعلم وإتقانه سيكون حلما صعب المنال ولا يمكن تحقيقه. وهنا يأتي دور واضع ومصمم المحتويات الدراسية في تتبع تلك الدوافع النفسية ولن يرهق نفسه طويلا في ذلك؛ لأنّها معروفة ومبسوطة في الكتب التربوية.

وأوجز هنا أهمّ ما أشار إليه الباحثون في مراعاة الجوانب النفسية لدارسي اللغة العربية من غير أبنائها:

1 -مناسبة المحتوى للحقائق النفسية والثقافية للطلبة غير الناطقين بالعربية، وتدخل في هذا الإطار المرحلة العمرية للدرسين.

2 -مراعاة المادة للفروق في الميول والاتجاهات، والاهتمامات والأغراض من الدراسة بالنسبة للطلبة مع مراعاة الفروق الفردية.

3 -مراعاة عنصر التدرج وربط المادة بخبرات الطلبة.

4 -مراعاة أن يحقق المحتوى رغبة الطلبة في التعرف على ثقافة اللغة العربية وبيئتها[1]

 ثانيا -المعيار الثقافي:
تمثل الثقافة عادة منهج حياة الناس وطرق معاشهم وأنماط تفكيرهم، وعاداتهم، وتقاليدهم، وأفكارهم ورؤاهم، بل يدخل في ذلك أدق التفاصيل كالأزياء، والملابس، والمأكولات، ونظام المناسبات، والاحتفالات، والأعياد، والعلاقات الاجتماعية بين الناس.

وهذه الأشياء جميعها لها علاقة وثيقة بتعليم اللغات الأجنبية لعدة أسباب منها: أنّها عادة ما تكون هي نفسها موضوعات أو نصوصا لمادة الدراسة المقدمة للطلبة الدارسين، ومنها أن دراسة تلك الأشياء تدخل عنصر المتعة والتشويق على المحتوى الدراسي، ومنها تقديم الخبرات والمعارف والمعلومات للطلبة غير المعلومات اللغوية، ومنها أن تكون عوامل تسهم في حفظ المعلومات والمعارف اللغوية؛ حيث يربط الطلبة بين تلك المعلومات والثقافة المرتبطة بها في محتوى المنهج.
وهنا يجب أن نراعي مجموعة من العناصر والشروط التي يجب تحققها في المادة اللغوية حتى تسير وفقا للمعيار الثقافي ومن أبرزها:

1 -أن تعبّر تلك المادة اللغوية المختارة عن الثقافتين الإسلامية والعربية خير تعبير، ويعني ذلك الابتعاد عن الموادّ المشوّهة التي تحاكي الثقافات الأخرى؛ لأنّها لن تكون ذات جدوى ثقافية في هذه الحالة.

2 -أن تراعي تلك المادة اللغوية المنتقاة تقديم صورة صادقة عن الحياة العربية في مختلف الأقطار والدول العربية بحيث نختار مادة تمثل الحياة العربية بكل تنوعاتها واختلافاتها.

3 -أن نراعي في اختيار المادة اللغوية تمثيلها الجيد للثقافة الأصيلة، والبعد عن تلك النصوص التي تعكس الانفلات الأخلاقي والقيمي، أو التي تمجّد الرذائل.

4 -أن تقدّم تقويما وتصحيحا للمفاهيم المغلوطة، والخاطئة في أذهان الطلبة غير الناطقين باللغة العربية عن الثقافتين الإسلامية والعربية بحيث نتتبّع تلك المغالطات، ثم نحرص على توظيف المادة اللغوية التي تقاومها وتعالجها وتصحّحها[2].

ثالثا -المعيار التربوي:
لا يمكن فصل اختيار المادة اللغوية في مناهج غير الناطقين باللغة عن الإطار التربوي عند معالجتها بل يلزم أن يراعى عند اختيارها تحقق المبادئ والمواصفات والشروط التربوية[3].

وعلى كل حال فإنّ الباحثين في هذا المجال قد وضعوا مجموعة من المبادئ والشروط التربوية التي يجب على واضع المحتوى أن يراعيها، ومنها:

1 -أن تضبط المفردات التي تقدّم في كلّ مادة، ويراعى فيها الانتقال من البسيط إلى المعقد.

2 -أن لا يتم التلاعب في النصوص الأصلية، بل تترك كما وردت في مصدرها الأصلي.

3 -أن نراعي احتواءها على الأنماط اللغوية المراد تدريسها من غير تدخل في تعديل النص الأصلي مع مراعاة الترابط [4].

رابعا -المعيار اللغوي:
إن الهدف من استعمال المادة اللغوية في مناهج تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها هو تعليم نظام اللغة من بنية الكلمة، والنظام الصوتي والتراكيب، والنظام الدلالي، وغيرها؛ لذلك فإنه عند اختيار المادة اللغوية يجب أن نراعي جميع ذلك[5].
وهنا لا بدّ من عرض المعايير اللغوية التي حدّدها الباحثون في هذا الجانب، ومن أهمها:

1 -أن تكون المادة المقدمة كلها باللغة العربية فقط من غير أن تخالطها لغة أخرى.

2 -أن نراعي احتواء المادة على كل المعالجات اللغوية التي نريدها كالمفردات والتراكيب مع مراعاة التنوّع من حيث النبر والتنغيم.

3 -أن تبتعد المادة اللغوية المنتقاة عن القواعد الغامضة أو الصعبة أو القليلة الاستخدام، أو ما يدخل في إطار النحو المهمل.

4 -مراعاة تقديم المادة اللغوية بلغة سليمة وفصيحة[6].

 


[1] مجموعة مؤلفين، الكتاب الأساسي لتعليم اللغة العربية للناطقين لغات أخرى، إعداده، تحليله، تقويمه (مكة المكرمة: مطبوعات جامعة أم القرى، ط1، 1983م)، ص 38 – 39.

[2] مجموعة مؤلفين، الكتاب الأساسي لتعليم العربية للناطقين لغات أخرى إعداده، تحليله، تقويمه، ص57– 60.

[3] رويلي، تدري  س النصوص الأدبية في برامج تعليم اللغة العربية للأجانب على ضوء الدراسات التربوية واللغوية الحديثة، ص 61.

[4] مجموعة مؤلفين، الكتاب الأساسي لتعليم العربية للناطقين لغات أخرى إعداده، تحليله، تقويمه، ص 60.

[5] المرجع السابق، ص 62.

[6] المرجع السابق، ص 64.


مدونات سابقة