في منزلك المشيّد باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد، ستستيقظ على وقع نغمات ساعتك الذكية، ثم يشتعل فورا ضوء غرفة نومك، وتُفتَح نوافذُها إلكترونيا، ثم ترتدي ثيابك وإكسسواراتك التي قمت أنت بنفسك بتصنيعها عبر طابعة أخرى ثلاثية أو رباعية الأبعاد.
وقد يخبرك هاتفك بأن هناك مشكلة طارئة في إحدى ماكينات مصنعك، ومن ثم فإنه يتعين عليك الإسراع بالذهاب إلى العمل.
هذا السيناريو ليس جزءا من أحد أفلام هوليوود، بل سيكون على الأرجح أحد السيناريوهات العادية جدا التي سيَحفِل بها ما يعرف بالثورة الصناعية الرابعة.
المعالم الكبرى لهذه الثورة تتمثل في تطور الذكاء الاصطناعي، والتكنولوجيا الحيوية، والطابعات الثلاثية والرباعية الأبعاد، وإنترنت الأشياء، والمركبات الذاتية القيادية، وثورة الإعلام الرقمي.
خلال هذه الثورة سيكون في وسعك الدخول على تطبيق أي مصنع، عبر هاتفك الذكي، كي تعطيَه مواصفات المنتج الذي تريده، ليقوم المصنع بإنتاجه فورا. حتى الدواء سيكون إنتاجه مفصلا على أساس مواصفاتك الصحية الخاصة.
المتشائمون يقولون إن هذه الثورة قد تحوّل الإنسان إلى روبوت، بل قد تعْلي من شأن الروبوت على حساب البشر على نحو قد يعيد تعريف معنى الإنسانية ويقلب موازين الإبداع والفن والقيم الاجتماعية، بشكل لم يسبق له مثيل. كما يُخشى من أن تؤدي تلك الثورة إلى تفشي البطالة، وتعاظُم الفجوة بين الأغنياء والفقراء.
لكنّ المتفائلين يقولون إن الثورة الصناعية الرابعة قد تنمي أعظم ما لدى الإنسان من قدرات وسمات؛ كالإبداع والوعي الاجتماعي والتنظيم والإشراف، بل وقد تحد من استبداد الأنظمة الدكتاتورية في العالم.
فِي مَنْزِلِكَ الْمُشَيَّدِ بِاسْتِخْدَامِ طَابِعَةٍ ثُلَاثِيَّةِ الْأَبْعَادِ، سَتَسْتَيْقِظُ عَلَى وَقْعِ نَغَمَاتِ سَاعَتِكَ الذَّكِيَّةِ ، ثُمَّ يَشْتَعِلُ فَوْرًا ضَوْءُ غُرْفَةِ نَوْمِكَ، وَتُفْتَحُ نَوَافِذُهَا إِلِكْتِرُونِيًّا، ثُمَّ تَرْتَدِي ثِيَابَكَ وَإِكْسِسْوَارَاتِكَ الَّتِي قُمْتَ أَنْتَ بِنَفْسِكَ بِتَصْنِيعِهَا عَبْرَ طَابِعَةٍ أُخْرَى ثُلَاثِيَّةِ أَوْ رُبَاعِيَّةِ الْأَبْعَادِ.
وَقَدْ يُخْبِرُكَ هَاتِفُكَ بِأَنَّ هُنَاكَ مُشْكِلَةً طَارِئَةً فِي إِحْدَى مَاكِينَاتِ مَصْنَعِكَ، وَمِنْ ثَمَّ فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ عَلَيْكَ الْإِسْرَاعُ بِالذَّهَابِ إِلَى الْعَمَلِ.
هَذَا السِّينَارْيُو لَيْسَ جُزْءًا مِنْ أَحَدِ أَفْلَامِ هُولِيوُودَ، بَلْ سَيَكُونُ عَلَى الْأَرْجَحِ أَحَدَ السِّينَارْيُوهَاتِ الْعَادِيَّةِ جِدًّا الَّتِي سَيَحْفِلُ بِهَا مَا يُعْرِفُ بِالثَّوْرَةِ الصِّنَاعِيَّةِ الرَّابِعَةِ.
الْمَعَالِمُ الْكُبْرَى لِهَذِهِ الثَّوْرَةِ تَتَمَثَّلُ فِي تَطَوُّرِ الذَّكَاءِ الِاصْطِنَاعِيِّ، وَالتِّكْنُولُوجْيَا الْحَيَوِيَّةِ، وَالطَّابِعَاتِ الثُّلَاثِيَّةِ وَالرُّبَاعِيَّةِ الْأَبْعَادِ، وَإِنْتَرْنَت الْأَشْيَاءِ، وَالْمَرْكَبَاتِ الذَّاتِيَّةِ الْقِيَادِيَّةِ، وَثَوْرَةِ الْإِعْلَامِ الرَّقْمِيِّ.
خِلَالَ هَذِهِ الثَّوْرَةِ سَيَكُونُ فِي وُسْعِكِ الدُّخُولُ عَلَى تَطْبِيقِ أَيٍّ مَصْنَعٍ، عَبْرَ هَاتِفِكَ الذَّكِيِّ، كَيْ تُعْطِيَهُ مُوَاصَفَاتِ الْمُنْتَجِ الَّذِي تُرِيدُهُ لِيَقُومَ الْمَصْنَعُ بِإِنْتَاجِهِ فَوْرًا. حَتَّى الدَّوَاءُ سَيَكُونُ إِنْتَاجُهُ مُفَصَّلًا عَلَى أَسَاسِ مُوَاصَفَاتِكَ الصِّحِّيَّةِ الْخَاصَّةِ.
الْمُتَشَائِمُونَ يَقُولُونَ إِنَّ هَذِهِ الثَّوْرَةَ قَدْ تَحَوِّلُ الْإِنْسَانَ إِلَى رُوبُوتٍ، بَلْ قَدْ تُعْلِي مِنْ شَأْنِ الرُّوبُوتِ عَلَى حِسَابِ الْبَشَرِ، عَلَى نَحْوٍ قَدْ يُعِيدُ تَعْرِيفَ مَعْنَى الْإِنْسَانِيَّةِ، وَيَقْلِبُ مَوَازِينَ الْإِبْدَاعِ وَالْفَنِّ وَالْقِيَمِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ، بِشَكْلٍ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ مَثِيلٌ. كَمَا يُخْشَى مِنْ أَنْ تُؤَدِّيَ تِلْكَ الثَّوْرَةُ إِلَى تَفَشِّي الْبِطَالَةِ وَتَعَاظُمِ الْفَجْوَةِ بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ وَالْفُقَرَاءِ.
لَكِنَّ الْمُتَفَائِلِينَ يَقُولُونَ إِنَّ الثَّوْرَةَ الصِّنَاعِيَّةَ الرَّابِعَةَ قَدْ تُنَمِّي أَعْظَمَ مَا لَدَى الْإِنْسَانِ مِنْ قُدُرَاتٍ وَسِمَاتٍ كَالْإِبْدَاعِ وَالْوَعْيِ الِاجْتِمَاعِيِّ وَالتَّنْظِيمِ وَالْإِشْرَافِ، بَلْ وَقَدْ تَحُدُّ مِنِ اسْتِبْدَادِ الْأَنْظِمَةِ الدِّكْتَاتُورِيَّةِ فِي الْعَالَمِ.