القدس هي أكبر مدن فلسطين التاريخية من حيث المساحة وعدد السكان، وأكثرها أهمية دينيا واقتصاديا. وبينما ينظر إليها الفلسطينيون على أنها عاصمة لدولة فلسطين، يعدها الإسرائيليون عاصمتهم الدينية.
تقع مدينة القدس في وسط فلسطين، وتبعد نحو 60 كيلومترا شرق البحر المتوسط وحوالي 35 كيلومترا غرب البحر الميت، و250 كيلومترا شمال البحر الأحمر، وتبعد عن عمّان 88 كيلومترا غربا، وعن بيروت 388 كيلومترا جنوبا وعن دمشق 290 كيلومترا من جهة الجنوب الغربي.
(2)
بحسب التعداد السكاني لعام 2011 فقد بلغ عدد سكان القدس 839 ألف نسمة، ويخوض الفلسطينيون والإسرائيليون حربًا ديمغرافيّة في المدينة.
وقدرت الإحصائيات اليهودية عام 2007م أن 64% من سكان المدينة يهود، وأن عدد المسلمين يصل إلى 32% والمسيحيين يصل إلى 2%.
وتبيّن في إحصائية أخرى في السنة نفسها أن نسبة السكان اليهود تتراجع تدريجيا بينما ازداد العرب بنسب مطّردة، ويرجع ذلك إلى أن نسبة الولادات عند العرب أعلى، وإلى هجرة بعض اليهود إلى مدن وبلدان أخرى.
(3)
يرجع تاريخ مدينة القدس إلى أكثر من خمسة آلاف سنة، وهي بذلك واحدة من أقدم مدن العالم، وتدل الأسماء الكثيرة التي أطلقت عليها على عمق هذا التاريخ.
فقد سماها الكنعانيون الذين هاجروا إليها في الألف الثالثة قبل الميلاد "أورساليم"، وتعني مدينة السلام أو مدينة الإله ساليم. واشتقت من هذه التسمية كلمة "أورشليم" ومعناها البيت المقدس، ثم عُرفت في العصر اليوناني باسم "إيلياء" ومعناها بيت الله.
خضعت المدينة للنفوذ المصري الفرعوني بدءا من القرن 16 قبل الميلاد، ثم للحكم اليهودي الذي دام 73 عاما، فقد استطاع النبي داود السيطرة على المدينة عام 977 أو 1000 قبل الميلاد وسماها "مدينة داود"، ودام حكمه أربعين عاما، ثم خلفه ابنه سليمان الذي حكمها 33 عاما.
وفي عام 586 قبل الميلاد، احتلها الملك البابلي نبوخذ نصر الثاني، بعد أن هزم آخر ملوك اليهود.
( 4)
استولى الإسكندر الأكبر على فلسطين بما فيها القدس عام 333 قبل الميلاد، وبعد وفاته استمر خلفاؤه في حكم المدينة حتى استولى عليها الرومان عام 63 قبل الميلاد.
في عام 326 للميلاد أعلن الإمبراطور قسطنطين المسيحية ديانة رسمية للإمبراطورية الرومانية، وبُنيت فيها كنيسة القيامة.
وقد أغار الفرس على القدس ونجحوا في احتلالها في الفترة 614-628م، ثم استعادها الرومان مرة أخرى.
في عام 621 للميلاد تقريبا شهدت القدس زيارة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، الذي أُسري به ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، ثم عُرجَ به إلى السماوات العلى.
(5)
وفي عام 15 للهجرة (636 للميلاد) دخلها الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد أن انتصر الجيش الإسلامي، وكتب عمر لنصارى القدس "العهدة العمرية"، وهي وثيقة منحتهم الحرية الدينية مقابل الجزية، وغيَّر اسم المدينة من إيلياء إلى القدس.
واتخذت المدينة منذ ذلك الحين طابعها الإسلامي، وشهدت نهضة علمية في مختلف الميادين، ومن أهم الآثار الإسلامية فيها مسجد قبة الصخرة الذي بناه عبد الملك بن مروان. وظلت القدس تحت الحكم الإسلامي خمسة قرون.
(6)
سقطت القدس في أيدي الصليبيين عام 1099م، وقامت فيها منذ ذلك التاريخ مملكة لاتينية يحكمها ملك كاثوليكي فرض الشعائر الكاثوليكية على المسيحيين الأرثوذكس، وهو ما أثار غضبهم.
(7)
استطاع صلاح الدين الأيوبي استرداد القدس من الصليبيين عام 1187م بعد معركة حطين، واهتم بعمارة المدينة وتحصينها.
ثم نجح الصليبيون في السيطرة على المدينة بعد وفاة صلاح الدين في عهد الملك فريدريك ملك صقلية، وظلت بأيديهم 11 عامًا إلى أن استردها الملك الصالح نجم الدين أيوب عام 1244م.
وتعرضت المدينة للغزو المغولي عام 1243/1244م، لكن المماليك هزموهم بقيادة سيف الدين قطز في معركة عين جالوت عام 1259م، وضُمّت فلسطين -بما فيها القدس- إلى دولة المماليك في مصر والشام حتى عام 1517م.
دخلت جيوش العثمانيين فلسطين بقيادة السلطان سليم الأول بعد معركة مرج دابق (1515/ 1516م) وأصبحت القدس مدينة تابعة للدولة العثمانية. وقد أعاد السلطان سليمان القانوني بناء أسوار المدينة وقبة الصخرة.
(8)
وفي ديسمبر 1917 سقطت القدس بيد الجيش البريطاني، ومنحت عصبة الأمم بريطانيا حق الانتداب على فلسطين، وظلت مدينة القدس تحت الانتداب البريطاني من 1920 حتى 1948م، ومنذ ذلك الحين دخلت المدينة في عهد جديد كان من أبرز سماته زيادة أعداد المهاجرين اليهود إليها، خاصة بعد وعد بلفور عام 1917.
(9)
وفي عام 1948 أعلنت بريطانيا إنهاء الانتداب في فلسطين وسحب قواتها، فاستغلت العصابات الصهيونية الموقف وأعلنت قيام الدولة الإسرائيلية.
وفي 3 ديسمبر 1948 أعلن ديفد بن غوريون رئيس وزراء إسرائيل أن القدس الغربية عاصمة للدولة الإسرائيلية الوليدة، في حين خضعت القدس الشرقية للسيادة الأردنية حتى هزيمة يونيو/حزيران 1967 التي أسفرت عن ضم القدس بأكملها إلى سلطان الاحتلال الإسرائيلي.
(10)
وفي 6 ديسمبر 2017، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، ونقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس. وأثارت خطوة ترمب موجة من الانتقادات الداخلية والخارجية، ودعت فصائل فلسطينية إلى انتفاضة جديدة ردا على القرار الأميركي.
للاطلاع على تفاصيل أكثر يمكنكم مطالعة هاتين المادتين: