(1)
فتحت التسهيلات الاستثمارية التي قدمتها تركيا إلى الأجانب الراغبين في الحصول على جنسيتها، شهية قطاعات واسعة من أبناء الجاليات العربية العاملين في قطاعات المال والأعمال والاستثمار العقاري التركي.
وتنوعت الردود العربية على تعديلات قانون التجنيس التركي بين البحث عن فرص الاستفادة منه، وكيفية انطباق شروطه على المقيمين، وتمنيات بتخفيضها إلى حدود دنيا، لكن ارتياحا عاما ساد الأوساط العربية تجاه التسهيلات.
وقال الصحفي الفلسطيني المقيم في تركيا، معاذ حامد، إن من شأن القرار التركي أن يجذب نصف أهالي بلدته "سلواد" -قرب رام الله- للحصول على الجنسية التركية، بعدما استقطبت الجنسية الأميركية نصفهم الآخر.
أما السوري عماد النحاس فأخذ، في تعليق على حسابه في فيسبوك، على التسهيلات الحكومية للتجنيس في تركيا، أنها تتم "بانتقائية" ولا تشمل الفقراء. وتساءل آخرون عن حاجة من يملك مئات الآلاف من الدولارات إلى الجنسيات البديلة.
(2)
وحركت القراراتُ الجديدةُ حملاتٍ إعلانيةً ضخمةً للشركات العقارية ومكاتب الوساطة وسماسرة العقارات، إذ يتوقع خبراء في مجال الاستثمار والقوانين العقارية أن تسهم هذه الخطوة في جذب قطاعات كبيرة من المستثمرين الأجانب الذين يمثل القطاع العقاري التركي تحديدا سوقا شديد الجاذبية لهم.
(3)
وعدلت تركيا شروط منح جنسيتها للأجانب من خلال الاستثمار العقاري والتشغيلي وعبر الودائع المالية في البنوك التركية.
ووفقا للتعديلات الجديدة، أصبحت الجنسية التركية في متناول من يشتري عقارا بقيمة 250 ألف دولار، ويواصل حيازته لثلاث سنوات على الأقل، بدلا من مليون دولار، وهو الحد الأدنى السابق لأسعار العقارات التي تمنح مشتريها الحق في طلب الجنسية.
كما يمكن لمن يقوم بإنشاء استثمار ثابت، بقيمة لا تقل عن خمسمئة ألف دولار، التقدمُ للحصول على الجنسية التركية، بعدما كانت الشروط تقتضي ألا يقل رأس مال المشروع الاستثماري عن مليوني دولار.
ووفقا للتعديلات التي نشرت في الجريدة الرسمية التركية صباح الأربعاء؛ فقد تم تخفيض عدد الأتراك الذين يشترط على المستثمر الأجنبي تشغيلهم في مشروعه للحصول على الجنسية، من مئة إلى خمسين عاملا وموظفا، تلتزم المؤسسة المشغلة بدفع رسوم تأمين العمل الشهري لهم.
كما خفّضت تركيا قيمة شرط الإيداع في البنوك التركية من ثلاثة ملايين دولار إلى خمسمئة ألف دولار لمدة ثلاث سنوات.
(4)
وتُعدّ الجنسية التركية حافزا مهما للأجنبي الراغب في التملك بالبلاد، فهي تعفيه من الكثير من شروط تأسيس الأعمال التي يخضع لها الأجانب، وتمنحه إمكانية الاستفادة من القروض ومِنَح الاستثمار التشجيعية.
كما أنها ترفع قدرة مالكها على السفر والتنقّل بين عدد كبير من الدول التي لا تطلب تأشيرة الدخول لحاملي جواز السفر التركي، ويبلغ عددها 69 دولة، إضافة إلى 33 دولة تمنح حامل جواز السفر التركي التأشيرة عند وصوله.
كما يهتم كثير من العرب في تركيا بالحصول على جنسيتها نظرا لمتاعب يواجهونها في بلدانهم الأصلية، جراء مواقف سياسية، أو انتمائهم لأحزاب وجماعات تلاحقها حكوماتهم، خاصة بعد الثورات المضادة للربيع العربي الذي دعمته تركيا.
(5)
وتوقع المحامي التركي خليل أرسلان أن يسهم تعديل قانون الجنسية التركية في زيادة طلب الحصول عليها في المرحلة المقبلة، لكنه حثّ المستثمرين الأجانب على الانتباه إلى القضايا القانونية والفنية المتعلقة بالقوانين التركية الأخرى.
وأشار أرسلان إلى أن قيمة الاستثمار العقاري الجديد، لا تعني بالضرورة امتلاك عقار واحد بقيمة 250 ألف دولار للحصول على الجنسية، موضحا أن المستثمر يمكنه الحصول على الجنسية إذا قدم وثائق تثبت امتلاكه عقارات عدة تصل قيمتها مجتمعة إلى هذا المبلغ.
كما لفت إلى أن احتساب قيمة العقارات بالدولار يتم وفقا لسعر صرف الدولار يوم استلام وثيقة سند الملكية، وليس في تاريخ إجراء عقد البيع أو الشراء عند كاتب العدل.
وكانت الحكومة التركية قد أعلنت عن فتح الباب لتجنيس الأجانب عبر امتلاك العقارات أواخر عام 2016، بعدما كانت تقدم لهم حق الإقامة الدائمة فقط عبر وثيقة تجدد سنويا بإثبات استمرار حيازة العقار، وهو الشرط الذي ما زال مفعوله ساريا على ملاك العقارات التي لا تصل قيمتها إلى ربع مليون دولار.