أسس تدريس النحو للناطقين بغير العربية

الدكتور خالد أبو عمشة

باحث وخبير لغوي/معهد قاصد بالأردن

تعدّ القواعد العمود الفقري لأي لغة من اللغات، فالقواعد هي القوالب التي تمكنك من التعبير عن مشاعرك وأحاسيسك التي تود أن تنقلها للآخرين، إنها كسكة الحديد التي تمكنك من نقل أفكارك ورسائلك إلى الطرف الآخر، إنها سلاح ذو حدين في الوقت ذاته، فبقدر أهميتها تكاد تكون السبب في فشل عملية تعليم اللغة الثانية واكتسابها، فينبغي الموازنة بين المهارات وخوادمها كما عبر عن ذلك ابن خلدون، والمفردات والقواعد تشكل عناصر اللغة التي بها تكتسي مهارات العربية لحمها. وتشير الدراسات إلى أن هضم القواعد يؤدي إلى إتقان المهارات بصورة رفيعة ولا سيما الكتابية منها.

ومن الأسباب التي تدفع في اتجاه تدريس القواعد -في ظل الهجمة الشرسة عليها وعدم الاهتمام بها في ظل المدخل التواصلي وغيره- أن القواعد تسهل حياة الناس مثلها مثل القواعد الحياتية اليومية، فكما أن هذه القواعد العامة تسهم في توفير الوقت والجهد فقواعد اللغة لها التأثير نفسه. ومن أهم أسس ومعايير تدريس القواعد التي ينبغي أن تكون جلية وواضحة في ذهن معلم العربية للناطقين بغيرها:

  • الغائية: لماذا أريد أن أدرس هذا الموضوع القواعدي؟ هل يحتاج إليه طلبتي أم أنه موجود في الكتاب فحسب أولا في الخطة لا غير؟

  • اختيار التراكيب الشائعة، ينبغي البدء بتدريس القواعد الشائعة قبل الدخول في القواعد الفرعية والشاذة، فالتأنيث الحقيقي يسبق التأنيث المجازي، والخبر المفرد يجب أن يسبق الإخبار بالجملة الاسمية.

  • التدرج والتناسب والتكامل: إنّ امتلاك الرؤية في توزيع القواعد عبر المستويات مسألة مهمة بل توزيع الموضوع الواحد عبر المستويات مسألة حيوية وجوهرية.

  • عدد محدود من التراكيب: ينبغي تقديم عدد محدود من القواعد في كل لقاء بل يجب تقديم ما يدعم المهارات اللغوية الأخرى فقط، وأن لا يكون تدريس القواعد غاية في ذاته كما سبق القول.

  • قواعد جديدة في مفردات قديمة، ومن الإستراتيجيات المفيدة في تدريس القواعد تدريس القواعد الجديدة في مفردات قديمة حتى لا يدخل المتعلم في معركتين، معرفة القواعد ومعركة المفردات.

  • التكرار، تكتسب اللغة بمفرداتها وقواعدها عبر التعرض المستمر للمفردات والتراكيب، وعليه ينبغي الحرص على أن يتعرض المتعلم للمفردة أو التركيب أكثر من ست مرات حتى نضمن اكتسابه لها.

  • الإكثار من التدريبات اللغوية، وينبغي في هذه الحالة الإكثار من التدريبات والتنويع فيها بغية دفع الملل وتحقيق الفائدة.

  • التركيب المصغر قبل الموسع، وفي حال كان للقاعدة أكثر من تركيب فينبغي أن نقدم أولاً التركيب المصغر قبل الموسع، فلا نقدم الخبر الذ هو جملة اسمية قبل الخبر المصغر المفرد.

  • تقديم ما يتفق مع لغات الطلبة وتأجيل ما يختلف، وكلما قدمنا ما تشترك فيه العربية ولغة الطالب من قواعد كانت عليه أيسر تعلماً وأسهل قبولا.

  • المصطلحات النحوية، نظراً لخصوصية العربية وبناء على خبرة طويلة في تدريس العربية للناطقين بغيرها، أرى أن تدريس القواعد بمصطلحاتها مسألة مهمة بل ضرورية.

  • الإعراب فرع المعنى، ينبغي الربط بين المبنى والمعنى، وتدريس القواعد باعتبار أن الإعراب فرع للمعنى نظرية وتطبيقاً.

  • التطبيقية والتمثيل في نصوص قرائية وحوارات، وينبغي أن نبتعد عن الأمثلة المصنوعة في تعليم العربية للناطقين بغيرها ولا سيما في القواعد، فلا بد من تعزيزها وغرسها عبر نصوص حقيقية تراثية ومعاصرة.