التعقيد في نصوص العربية للناطقين بغيرها

الدكتور خالد أبو عمشة

باحث وخبير لغوي/معهد قاصد بالأردن

تتنوع التحديات التي تواجه معلم العربية للناطقين بغيرها ومتعلمها، ومن تلكم الأمور التي سأتوقف عندها في هذه المقالة مصطلح التعقيد في النص اللغوي.

من الأمور التي تلعب دوراً في تعقيد النص، ما يلي:

-          ظاهرية النص: قد تكون أولى مشكلات تعقيد النص شكله الخارجي الذي قد يتسم بعدم الوضوح أو صغر الخط أو غرابة الموضوع.

-          المفردات الغريبة وغير المألوفة: يعمد بعض الكتاب إلى استخدام الكلمات الغريبة أو النادرة أو القليلة الشيوع لأسباب كثيرة، وهو ما يشكل عقبة في فهم النص الأصيل من قبل المتعلم الأجنبي.

-          نقص المعرفة بخلفية الموضوع: يرتبط فهم بعض النصوص بالأحداث التي يعالجها، فبعض النصوص التي تعالج قضايا علمية أو تاريخية تعكس بعض مفاهيم غائبة، وهو ما قد يشكل معضلة في فهم الطالب الأجنبي للنص.

-          التراكيب اللغوية المعقدة: يعمد بعض الكتاب إلى إظهار مقدراتهم اللغوية عبر الكتابة بأساليب لغوية قديمة أو نادرة الاستعمال كأساليب المقامات والجناس والسجع وغيرها.

-          تعدد المعاني: يميل بعض الكتاب إلى استخدام مفردات متعددة المعنى في نصوصهم بحيث تعبر كل مرة عن معنى مختلف، مما يؤدي إلى حدوث اللبس في الفهم لدى المتعلم.

-          سبك النص المتقدم: يشير مصطلح السبك إلى طريقة ربط الكتّاب بين كلماتهم وجملهم، من أجل أن يظهروا أنفسهم بأنهم أصحاب أسلوب لغوي مميز.

-          ضعف الكتابة: نعم إن ضعف الكتابة قد يكون من أسباب تعقيد النص وصعوبة فهمه لأنه لا يلتزم بالأساليب المستعملة في العربية مما يشكل على المدرس والدارس في آن واحد.

كيف نساعد الدارسين على التغلب على هذه الظاهرة؟

لا يملك المعلم سيطرة كاملة على النصوص التي يختارها على الرغم من تأنيه وحرصه الشديد من حيث المحتوى واللغة. وكل ما يملكه المدرس هو أن يقرر ما إذا كان يريد أن يدرس هذا النص أم لا. ويكون المعلم بين خيارين كلاهما مر، الأول إعادة كتابة النص التي تستغرق وقتاً وجهداً كبيراً، والثاني البحث عن نص آخر.

وفي حال قرر المعلم أن يتصدى لنص فيه تعقيد لغوي أعلى من مستوى الدارس، فهذه بعض الإستراتيجيات التي يمكن اتباعها ومنها تطبيق نظرية (KWL) التي تتمثل في التساؤلات الثلاثة الآتية:

§        ماذا أعرف؟

§       ماذا أريد أن أعرف؟

§       لماذا أريد أن أعرف؟

أو تطبيق إستراتيجيةSQ3R  وهي إستراتيجية فعّالة في تدريس نص القراءة المعقد في مجال تعليم العربية للناطقين بغيرها، وتتكون من سلسلة من الإجراءات والعمليات المهمة (ومنها أخذت اسمها)، تُنفَّذ عبر خمس مراحل:

·         أولاً  :(Survey)والمقصود بذلك أن يلقي الطالب نظرة عامة، ويُجري قراءة مسحية للحصول على الفكرة العامة من النص.

·         ثانياً: (Questions)  بحيث يسأل الطالب أسئلة تتعلق بالنص وبما يريد أن يعرفه عنه.

·         ثالثاً: (Read) والمقصود بذلك أن يقرأ الطالب النص بحثاً عن إجابات للأسئلة التي طرحها.

·         رابعاً: (Recite) والمراد بذلك أن يناقش الطالب أبرز الأفكار التي استخلصها من النص سواء بشكل شفهي أوكتابي.

·         خامساً : (Review) قيّم ما توصلت إليه وما استفدت منه، واجعل منه مرجعا موثوقاً  للمدى البعيد.

-          وأهم المفاهيم التي تدفع باتجاهها هذه الإستراتيجيات في التعامل مع النص القرائي المعقد:

o      التأكد من معرفة الدارسين لماذا يقرؤون النص وماذا يجب أن يفعلوا بعد ذلك؟ يميل كثير من الدارسين من متعلمي اللغات الأجنبية عموماً والعربية على وجه الخصوص إلى ضرورة معرفة كل كلمة من كلمات النص القرائي، في حين يمكنهم إتمام مهمتهم التي تقوم على مسح النص والوصول إلى المبتغى دون فهم كل الكلمات الواردة فيه. فمعرفة ماذا يجب عليهم أن يفعلوا يجعلهم يركزون على المهمة المطلوب العمل عليها.