منشورات سابقة

الدكتور خالد أبو عمشة

باحث وخبير لغوي/معهد قاصد بالأردن

8-1-2017

الشريك اللغوي ودوره في تحصيل الكفاءة في برامج تعليم العربية للناطقين بغيرها

الكلام مرآة اللغة وذروة سنامها، وبه نبني العلاقات الإنسانية والاجتماعية، والكلام يلعب دوراً مهماً في عملية التعلّم والتعليم بنوعيه وعلى مستوييه الرسمي وغير الرسمي، ويقوم التعليم اللغوي في الفصول الدراسية على الكلام الرسمي سوءا أكان تدريساً للعربية الكلاسيكية أو المعاصرة وحتى العامية، فيما يهدف برنامج الشريك اللغوي بالجانب غير الرسمي من المحادثة، وهو ما نروم تسليط الأضواء عليه متمثلاً في الكلام العادي الرسمي وغير الرسمي والدردشات والأحاديث القصيرة وغيرها مما يصعب اندراجه في الفصل الدراسي الرسمي. وتؤكد الشراكة اللغوية على ممارسة اللغة في سياقتها الرسمية وغير الرسمية؛ فاللغة بين المتعلّم أو الدارس والشريك اللغوي العربي تتسم بالأصلية، وتدور حول موضوعات قد يندر أن يتم مناقشتها في الفصول الرسمية، ومن واقع الحال تساهم الشراكة اللغوية في تنمية الثقة لدى المتعلم في الكفاءة. وتجري الشراكة اللغوية هذه في البرمج على صورتين: الأولى تطوعية، وقد تكون تبادلية، والثانية: مدفوعة الأجر ولكن بسعر زهيد بحيث لا تكون إلا في اللغة الهدف، فمقابل ثمن بخس يدفعه المتعلم لشريكه اللغوي الذي قد يكون طالباً جامعياً تكون مهمته التواصل والكلام بالعربية فقط دون إشراك أي أهداف أخرى. أمّا التطوعية الأولى: فقد تكون تطوعية بالكامل دون معرفة الشريك اللغوية بلغة المتعلم، وقد تكون تبادلية نصف ساعة لممارسة اللغة الهدف لكل شخص. وتشير بعض الدراسات إلى أن مَن يخوضون هذه التجربة يتعلمون بشكل أسرع. وقد تجري لقاءات الشراكة اللغوية بشكل فردي مع الشريك أو زوجي أو جماعي، وقد تجري داخل المؤسسة التعليمية وقد تجري خارجها.

ومن السمات التي يجب أن ينماز بها الشريك اللغوي أن يتمتع بالحكمة في كيفية بدء الحديث وإنهائه، ويتسم بالذكاء في استمرار خلق فرص الحديث عبر مداومة طرح التساؤلات: ماذا؟ ومَن؟ وكيف؟ ومتى؟ ولماذا؟ واتباع استراتيجيات تدفع بالمتعلم لمزيد من الإنتاج اللغوي من مثل: لم افهم، أعد مرة أخرى، ماذا تقصد؟ على الرغم من كون الشريك اللغوي يعي هذا الموضوع ويعرفه أكثر من المتحدث نفسه إنها استراتيجية أن تكون خالي الذهن من كل ما يتحدث فيه الدارس لمنحه فرصة الطرح والسرد والوصف والمقارنة والجدل ووو.

ومن مزايا برنامج الشراكة اللغوية:

-          توفير فرصة المحادثة المركزة من شخص لشخص آخر دون تدخل أشخاص آخرين.

-          توفير فرصة للحديث بطبيعية حين يكون الحديث فردياً، دون تكلف أو تغيير في السلوك اللغوي.

-          خلص فرص للحديث للأشخاص الذين لا يمكلون ثقة كافية للحديث في الفصول اللغوية العادية.

-          تنمية مهارات التفكير باللغة الهدف دون ضغوط الفصول اللغوية العادية.

-          توفير فرص للحديث المطول والمسهب الذي قد لا يتوفر في الفصول اللغوية العادية.

-          توفير فرص للتأمل في لغة المتعلم نفسه وفي لفة الشريك اللغوي.

وتتسم الشراكة اللغوية بالتركيز على الفردية والتصحيح اللغوي بالطريقة التي يجدها المتعلم مناسبة، فضلاً عن كونها مصدر مهم في الثقافة العربية الممارسة. وبناء علاقات مع المجتمع تساهم في الاندماج فيه.

ولإنجاح الشراكة اللغوية يجب:

-          إظهار الرغبة في القيام بهذا العمل.

-          بالانضباط والمحافظة على المواعيد.

-          اللطف في التعامل وعدم مواجهة المتعلم في حال الخلاف.

-          دع الدارس يتحدث معظم الوقت.

-          أظهر علامات الاهتمام في الاستماع ومتابعة الحديث على الدوام واطلب المزيد من الرشح والتوضيح دائماً.

-          حاول أن تفهم جيداً ما يقوله الدارس، وابن عليه أحاديث أخرى.

-          وحاول ألا تقاطعه وهو يتحدث وانظر في عينيه في أثناء الحديث.

-          اجعل إجاباتك تبدأ بأظن وأعتقد وما رأيك في وكيف تفسر وألا توافق وألا تعتقد بأنّ ويبدو أنّ وأظن أن وربما كذا وكذا وقد اختلف معك ولا أميل إلى إلخ

-          الحديث بسرعة مناسبة (طبيعية)

-          تأكد من تحقق الفهم لدى شريكك.

-          وسع الموضوعات أفقياً.

-          اجعل إعادة الصياغة طريقتك في التصحيح في أثناء الحديث.

كيف أجد شريكاً لغوياً؟

إذا كانت مؤسستك التعليمية لا توفر هذه الخدمة اللغوية فاعرف أولاً أنها غير احترافية ولا مهنية على درجة عالية لأهمية هذا الجانب في تنمية كفاءة المتعلّم اللغوية سواء أكانت هذه الخدمة بمقابل مادي أم بدون ذلك. ومن وسائل الحصول على شريك لغوي:

1-     اسأل مدرسيك ومعارفك وأصدقائك عن رغبتك تلك وكرر السؤال حتى تحصل على واحد.

2-     قم بزيارة المؤسسات التي تعنى بتعليم العربية للناطقين بغيرها والمؤسسات التي تُعنى بتعليم لغتك الأم.

3-     شارك في النشاطات التي تُعقد في المدينة التي تعيش فيها، واندمج مع لاالناس وتحدث إليهم، وأظهر  رغبتك في ذلك.

4-     ضع إعلانات حيث تدرس وكل مواقع التواصل الاجتماعي عن رغبتك في الحصول على شريك لغوي محدداً ما تريد وماذا ستقدم بالمقابل.

5-     ابحث في المواقع الإلكترونية، وهي كثيرة ولا شك ستجد مَن لبديه رغبة في تبادل الحديث معك، وخاصة في البلاد الأجنبية التي يتعلك فيها العرب لغتك الأم حيث سبحثون عمّا تبحث عنه.

 -------------------------------------------------------------

20 /7/ 2017

تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها اتصاليًّا

يُصدم المرء حين يقابل راغباً في تعليم العربية للناطقين بغيرها، وقد قضى برهة لا بأس بها في تعليم العربية للناطقين بغيرها، حين يُسأل عن مبادئ تدريس اللغة العربية اتصالياً، على الرغم من ظهور هذا المذهب في تعليم اللغات الأجنبية منذ ستينيات القرن الماضي بوصفه بديلا عن الطرق البنائية ولا يعرف مبادئه.

وتعليم اللغات الأجنبية اتصالياً مذهب واسع نشأ رغبة في التركيز على الاتصال والتواصل الإنساني بدلا من الاهتمام بتدريس القواعد، باعتبار أن اللغة وسيلة اتصال بين البشر، فسؤال الطلبة جمع معلومات شخصية من زملائهم في الفصل يعد سؤالاً اتصالياً، ولم يكن التحول الذي شهدته سبعينيات القرن الماضي تحولاً في الاستراتيجيات بقدر ما هو تحول في الفلسفة والرؤية والمبادئ والمنطلقات في منظومة تعليم اللغات الأجنبية. وقد جاء هذا التحول استجابة لتطورات اللغويات التطبيقية وتغير منظوراتها نحو اللغات البشرية حيث إن تعلّم اللغة العربية بشكل ناجح يكون حين يستند إلى التواصل في سياقات طبيعية حقيقية ذات مغزى ومعنى. فحين يكون الاتصال طبيعياً فإن الإستراتيجيات الطبيعية في اكتساب اللغة سوف يتم تفعليها وتنشيطها واستخدامها مما يمكنهم من اكتساب اللغة. ويمكن القول بأن تعليم اللغات الأجنبية اتصالياً جاء حصيلة لتوحيد جهود اللغويين والمربين الذين لم يشعروا بالرضا من نتائج طريقة القواعد والترجمة، والسمعية الشفوية في تعليم اللغات الأجنبية.

ويقوم تعليم العربية اتصالياً على محاكاة مواقف الحياة الحقيقية حيث يضع مدرس العربية سيناريو يتوقع أن يواجهه متعلم العربية في حياته الحقيقة عكس الطريقة السمعية الشفوية التي تقوم على الإعادة والتكرار.

وكان من مظاهر تطبيقات تعليم اللغات الأجنبية اتصالياً في المناهج الدراسية ما اقترحه ولكنز بوضع مناهج تقوم على الأفكار بدلاً من القواعد، تجمع بين المبنى والمعنى، ومن تمثلات المبنى الزمن والكمية والوزن، ومن تمثلات الوظيفية الاتصالية، ما يُطلق عليها بالأحداث الكلامية كالطلبات والشكاوى والاعتذارات والاقتراحات وغيرها.

وبقي المجال في تطور صاعد إلى أن جاء هيمز بمصطلح الكفاية الاتصالية سنة 1972 في مقابل مصطلح الكفاية اللغوية التي كان قد جاء بها تشومسكي في نظريته التوليدية التحويلية.