تكلمنا في مقالات سابقة عن دور النص السردي والحواري، والقصة، والتمثيل، وعنوان الدرس في تنمية مهارة المحادثة، وفي هذا المقال سنتناول دور الصور الثابتة في تنمية مهارة المحادثة وكيفية توظيفها.
إن فكرة استخدام الصورة في العملية التعليمية ليست وليدة هذا العصر، بل هي قديمة جدا، وهناك العديد من النظريات التي تبنّت هذا الموضوع، والعديد من الدراسات التي تناولت دور الصورة وأهميتها في العملية التعليمية، لكننا لن نخوض في هذه النظريات؛ لأننا لسنا بصدد الحديث عن نظريات ونتائج. ولكننا سنكتفي بالتحدث عن أهمية الصورة في العملية التعليمية، ودورها في تنمية مهارة المحادثة، وكيفية توظيفها.
يعتقد كثير من المحللين التربويين أن نسبة 80% إلى 90% من خبرات الفرد يحصل عليها عن طريق حاسة البصر. كما أن هناك مبدأ سيكولوجيا يقول: إن الفرد يدرك الأشياء التي رآها إدراكًا أفضل وأوضح مما إدراك الأشياء التي قرأ عنها أو سمع شخصًا يتحدث عنها.
والصورة كفيلة بتطوير كافة عناصر العملية التعليمية، وجعلها أكثر فاعلية وكفاية، كما أن لها دورا كبيرا في تنمية مهارة الكلام.
ولكن ما أهمية الصورة في العملية التعليمية؟ وكيف يمكننا تفعيلها بالشكل الذي يحقق الهدف المرجو منها؟
أولا: أهمية الصورة في العملية التعليمية
- توصيل المعلومات بكل سهولة.
- استثارة اهتمام الطلاب.
- إشراك كل حواس المتعلم أثناء التعلم.
- استنطاق الطالب.
- جعل الطلاب أكثر استعدادا لتقبل المادة المعرفية.
- حفر المعنى المطلوب في أذهان الطلاب؛ لربطه بالصورة.
- توسيع مخيلات ومدارك الطلاب.
- إتاحة الفرصة للتخمين والإبداع.
- مواجهة الفروق الفردية بين الطلاب؛ لأن الصورة تساعد في تنوع أساليب التعلم.
- التعرف على الأشياء المعنوية والمحسوسة التي يصعب شرحها.
- بث روح المرح والدعابة مع تقديم معلومات جديدة أثناء التعلم.
ثانيا: كيفية توظيف الصورة لتنمية مهارة الكلام
يجب اختيار الصور المناسبة والمرتبطة بموضوع الدرس، وكذلك التدرج في الصور بحيث تتناسب والمستوى، وأيضا التدرج في المطلوب من الصورة المعروضة فلا يمكن بأي حال من الأحوال أن يستوي الطالب المبتدئ والمتقدم في المطلوب من الصورة.
المستوى المبتدئ
في هذا المستوى الطالب حديث عهد باللغة؛ لذا نكتفي منه بجملة قصيرة، ثم نطلب منه -بعد أن تتطور لغته، وتنمو حصيلته اللغوية - جملة طويلة دون تحديد عدد الكلمات، وفي نهاية المستوى نطلب منه جملة مع تحديد عدد الكلمات، أو أن يصف صورة بشكل بسيط.
وهذه أمثلة على ذلك:
نقدم للطالب صورة لشخص يشرب أو يأكل أو يجري أو يكتب، ونطلب منه التعبير عن الصورة بجملة مفيدة لا تقل عن عشر كلمات.
نقدم له صورة بسيطة لطالب يتكلم مع أستاذه والطلاب يكتبون الدرس وفيها طالب آخر يتكلم مع صديقه، ونطلب منه وصف محتوى الصورة باستخدام أكثر من جملة بدون تعقيد.
نقدم له أيضا في هذا المستوى صورة لعائلة تجلس في غرفة الجلوس ونطلب منه ذكر جمل عن الصورة (عبر عن الصورة بجمل مفيدة).
المستوى المتوسط
في هذا المستوى أصبح لدى الطالب القدرة على التعبير بشكل أفضل، وأصبح عنده محصول لغوي يمكنه من الوصف، ومن قراءة الصورة وما خلفها؛ لذلك يجب أن نوسع المطلوب من الصورة، فلا نقبل الجملة الواحدة، ولا الوصف بالجمل المنفصلة، ولكن نطلب منه وصف الصورة بجمل مترابطة مع تحديد عدد الكلمات، واستخدام الاتجاهات والظروف.
ثم نتقدم بالطالب فنطلب منه التكلم عما خلف الصورة، وفي هذه الحالة يستطيع الطالب أن يتخيل ويستخدم المفردات التي تعلمها. ونطلب منه أيضا ذكر الفروق بين الصور.
وهذه أمثلة على ذلك:
نقدم للطالب صورة ونطلب منه وصف الصورة مع استخدام الاتجاهات والظروف فيقول مثلا في شمال الصورة كذا وفي أعلاها كذا وعلى يمينها كذا...
وأيضا نقدم للطالب صورة لشخص مريض في المستشفى، ونطلب منه التعبير عن الصورة فيما لا يقل عن ثلاثين كلمة مثلا، وفي هذه الحالة يجب على الطالب أن يتكلم عن سبب دخوله المستشفى والنتيجة التي توصل إليها...، ويمكن أن نسمي هذا قراءة ما خلف الصورة.
نقدم له صورة ونطلب منه أن يحكي حكاية بسيطة من خياله حول الصورة.
نقدم له صورتين ونطلب منه ذكر الاختلافات بينهما.
المستوى المتقدم
في هذا المستوى يستطيع الطالب التكلم في معظم المجالات بسهولة وسلاسة، ويستطيع التعبير عن الموضوعات الأكثر تعقيدا، وقراءة الصور الأكثر تشابكا، واستنباط المعنى البعيد للصورة، وربطها بالواقع؛ لذا يجب علينا في هذا المستوى الانتقال بالطالب إلى مرحلة تجعله يجتهد لاستخراج الأفكار العميقة المفسرة للصورة، ومعرفة المعنى البعيد لها، فلا نقبل منه الوصف المباشر لما يراه في الصورة أو التعبير بجمل بسيطة عن محتوى الصورة.
ففي هذا المستوى نعرض على الطالب العديد من الصور المترابطة، ونطلب منه أن يحكي قصة من خلال الصور مع استخدام أدوات الربط المناسبة، ونقدم له صورا أكثر إثارة وأوسع دلالة وأكثر تجسيدا للواقع.
وهذه أمثلة على ذلك:
نقدم له صورة تضم أطفالا يأكلون الرصاص مثلا، ونطلب منه التعبير عن الصورة موضحا المعنى البعيد المراد منها مع ذكر الأسباب والنتائج والأضرار.
أو نقدم له صورة لعائلة في الماضي وأخرى في الحاضر، ونطلب منه المقارنة بين العائلتين من حيث عدد الأفراد والعلاقة بين الأسرة والاختلافات في الشوارع والأبنية والكهرباء والمهن .... إلخ.
نقدم له صورة لهيكل عظمي لمدخن ونطلب منه أن يعبر عن الصورة بالتفصيل ذاكرا أضرار التدخين، وكيفية الإقلاع عنه.
نقدم له صورة لشخص يتنفس من خلال أنبوبة داخلها نبات، ونطلب منه أن يتكلم عن أهمية النبات في حياتنا وكيفية المحافظة عليه والأضرار الناجمة عن إهماله ..... إلخ.
ويجب علينا أن نكرر هذا مع الطلاب حسب الوقت المتاح. المهم ألا نغفل الصورة أثناء العملية التعليمية؛ لما لها من دور كبير في تنمية مهارة المحادثة.
وللحديث بقية في مقالات تالية.