تكلمنا في المقال السابق عن أهمية الكلام بين المهارات الأربعة، وأكدنا أن جميع المهارات تخدم مهارة الكلام، ولكن كيف يمكننا تنمية هذه المهارة؟ كيف يمكننا تفعيلها؟ كيف يمكننا تحقيق هدف الطالب في التواصل مع الآخرين؟ كيف يمكننا إشباع رغبته في التواصل مع الآخرين التي من أجلها أراد تعلم هذه اللغة.
كل هذه الأسئلة وغيرها سنجيب عنها خلال هذا المقال.
يجب أن يكون المنهج التواصلي هو المنهج المتبع في تعليم اللغة؛ وذلك لصعوبة تحقيق التواصل بين البشر بدون اللغة. في الحقيقة لسنا بصدد الحديث عن طرق ومناهج التعليم والتفاضل بينها وذكر عيوبها ومحاسنها، ولكننا سنتكلم عن كيفية تنمية مهارة الكلام وفق المنهج التواصلي، وذلك انطلاقا من النص المكتوب الموجود بين أنامل الطلاب. فالنص حواريا كان أو سرديا يعد أرضا خصبة يجب على معلمي العربية للناطقين بغيرها استغلاله -إن صح التعبير- لتنمية مهارة المحادثة، وذلك بطرق شتى منها:
1. تحويل النص الحواري إلى نص سردي
يجب علينا ألا نغفل الدور الكبير الذي يلعبه هذا النشاط في إكساب الطالب للغة، وذلك لما فيه من إعمال للفكر وتوظيف للكلمات والروابط الجديدة. وهذا النشاط يعد خطوة أولى لكتابة موضوع إنشائي مكتمل الأركان فيما بعد.
خطوات التحويل
أ. بيان الكلمات المفتاحية الموجودة في النص، واستخدامها في جمل متنوعة من قبل الطلاب.
ب. تخمين أسئلة الحوار، والإجابة عنها.
ت. يقوم كل دارس بالشرح الشفوي لما فهمه من الحوار مع استخدام التراكيب وأدوات الربط المناسبة، ومنها على سبيل المثال: عندما – لكن – لأن – لذلك – من أجل - بناء على – نتيجة لـ ...، وغيرها من التراكيب والروابط التي تتناسب ومستوى الطلاب.
ث. يقوم كل طالب بقراءة النص في الصف، أو نطلب منهم تسجيله وإرساله عبر وسائل التواصل بينهم وبين المعلم.
وأقدم لكم هذا المثال (وهو موجه للمستوى المبتدئ)
فاطمة: أين ستذهبين يا هند؟
هند: سأذهب إلى السينما هل تريدين الذهاب معي؟
فاطمة: مع الأسف لا أستطيع. يجب أن أكتب الواجبات وأحفظ الكلمات الجديدة، إضافة إلى أعمال البيت.
هند: سبحان الله! هذا كثير جدا. هل هناك أحد يساعدك في أعمال البيت؟
فاطمة: لا. كلهم مشغولون.
هند: وأنت يا سعاد، هل ستذهبين معي؟
سعاد: لا أستطيع في هذا الأسبوع. ربما سأذهب في الأسبوع القادم.
هند: لماذا لا تذهبين في هذا الأسبوع؟
سعاد: عندي أعمال كثيرة في البيت، وفي الشركة أيضا.
هند: هل يساعدك زوجك في أعمال البيت؟
سعاد: نعم. يساعدني كثيرا.
هند: أنا فارغة طوال الأسبوع، لأن عندي خادمة ومربية أولاد.
حول الحوار السابق إلى نص نثري مستخدما هذه الروابط:
لكن – لأن – لذلك – أمَّا – من أجل ذلك – و – أيضا
تريد هند أن تذهب إلى السينما لكن فاطمة..... إلخ
وبعد ذلك نطلب من كل طالب قراءة النص بصوت مسموع في الصف أو نطلب منهم تسجيل ما كتبوه وإرساله عبر وسائل التواصل بينهم وبين المعلم.
2. تغيير نوع الحوار
هذا أيضا من الأنشطة المفيدة التي يمكن أن نطبقها على الحوار لتنمية مهارة المحادثة، وذلك بتغيير الحوار من مذكر إلى مؤنث والعكس.
خطوات التغيير
أ. يقرأ المعلم النص قراءة واضحة ومعبرة.
ب. يقرأ الطلاب النص.
ت. التعرف إلى الكلمات المفتاحية.
ث. استخدام الكلمات الجديدة في جمل مفيدة.
ج. نطلب من الطلاب جمعيهم تغير نوع النص، وذلك باستخدام المذكر مكان المؤنث والعكس.
ح. نطلب من طالبين أو أكثر حسب شخصيات الحوار قراءة النص بشكله الجديد.
خ. بعد ذلك نطلب من كل طالب قراءة النص في الصف، أو نطلب منهم تسجيل النص وإرساله عبر وسائل التواصل بينهم وبين المعلم.
3. تغيير صيغة النص
هذا أيضا من الأنشطة المفيدة التي يمكن بها تنمية مهارة المحادثة لدى الطلاب وذلك بتغيير صيغة النص من المفرد إلى المثنى بنوعيه، والجمع بنوعيه، أو من المتكلم إلى الغائب أو المخاطب. وبهذا الشكل يستخدم الدارس الضمائر، وأسماء الإشارة، والأسماء الموصولة في محادثاته وتواصله مع الآخرين بشكل سليم.
أقدم لكم هذا المثال (وهو موجه لطلاب المبتدئ)
سَعِيدٌ ومُحَمَّدٌ صَدِيقَانِ مُنْذُ الصِّغَرِ يَعِيشَانِ في نَفْسِ القَرْيَةِ، وبَيْتُهُمَا في نَفْسِ الشَّارع، لَكِنَّهُمَا افْتَرَقَا قَبْلَ سَنَةٍ. مُحَمَّدٌ الآنَ يَعِيشُ في المَدِينَةِ ويُرِيدُ مِنْ صَدِيقِهِ سعيدٍ أنْ ينْتَقِلَ إلَى هُنَاكَ. لَكِنَّه يحِبّ القَرْيَةَ كثيرًا؛ لِأنَّ الهَوَاءَ فِيهَا نَقِيٌّ والطُّرُقَ هَادِئَةٌ ونَظِيفَةٌ ومُنَظَّمَةٌ، النَّاسُ طَيِّبُونَ ولَطِيفُونَ والطَّعَامُ طازج ورَخِيصٌ جِدَّا. لَكِنَّ المَدِينَةَ فِيهَا أشْيَاءُ جَيِّدَةٌ، وأُخْرَى سَيِّئَةٌ هُنَاكَ المُسْتَشْفَيَاتُ والشَّرِكَات ومَرَاكِز الحُكُومَة والأسْوَاق والجَامِعَات والمَدَارِس، لَكِنّ الطُّرق مُزْدَحِمة وإشَارَات المُرُورِ قَلِيلَة والنَّاس لا يَتَّبِعُونَ التَّعْلِيمَات. والأشْيَاء هُنَاكَ غَالِيَة جِدّا والهَوَاء مُلَوَّث بِسَبَبِ المَصَانِع والشَّرِكَات. والحَوَادِث كَثِيرَة؛ لِذَلِكَ سَعِيدٌ لَنْ يَنْتَقِلَ إلى المَدِينَةِ.
بعد قراءة الأستاذ وطلابه للنص، وبعد توضيح الكلمات المفتاحية نطلب من الطالب أن يسند النص إلى المثنى المؤنث. مثلا: زينب ومريم صديقتان... إلخ.
ونطلب من آخرين إسناد النص إلى الجمع المذكر تارة، وإلى الجمع المؤنث تارة أخرى، ثم يكمل الطالب النص شفويا.
وفي هذا النشاط سيتدرب المتعلم على استخدام المثنى والجمع بكل أشكاله؛ مما يعطيه القدرة على التواصل مع أكثر من شخص باستخدام أسماء الإشارة والضمائر والأسماء الموصولة بكل صورها بشكل صحيح.
وبعد ذلك نطلب من كل طالب قراءة النص بشكله الجديد في الصف، أو نطلب منهم تسجيل النص، وإرساله عبر وسائل التواصل بينهم وبين المعلم.
وللحديث بقية في مقالات تالية