حركة همزة إنّ من المسائل النحوية التي يكثر الخطأ فيها في وسائل الإعلام والتواصل، لذلك نقدم لقرائنا الكرام هنا خلاصة لأهم القواعد النحوية والإملائية المعتمدة في هذه المسألة.
يحدد النحاة حركة همزة "إنّ" بناء على قاعدة عامة خلاصتها أنه إذا أمكن تأويل جملة إنّ (إن واسمها وخبرها) بمصدر يؤدي معناها ويقوم بوظيفتها النحوية تُفتَح همزتها مثل: يسرني أنك مجتهد، أي يسرني اجتهادُك. وإذا لم يمكن ذلك تُكسَر همزتها مثل: إن العلم نافع.
وهناك تراكيب معينة تحتمل فيها جملة إن وجهًا يمكن فيه تأويلها بمصدر وتحتمل وجهًا آخر لا يمكن فيه ذلك، ومن ثم يجوز في الهمزة الفتح ويجوز فيها الكسر.
وتسهيلا لهذه القاعدة العامة (التي ربما لا تتبادر لكثير من الناس) يمكن أن نتعرف حكم همزة إنّ من خلال الكلمات التي تسبقها أو الوظيفة النحوية التي تؤديها جملتها، وذلك على النحو التالي:
أولا: متى يجب كسر همزة إنّ؟
يجب كسر همزة إن في حالات أهمّها:
- أن تقع في بداية الكلام (أي ليس قبلها شيء) مثل قول الله تعالى: "إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحًا مُبِينًا".
- أن تقع بعد "ألَا" مثل قوله تعالى: "أَلَا إِنَّ أَوْلِيَّاءَ اللَّهِ لاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ".
- أن تقع بعد "كَلّا" مثل قوله تعالى: "كَلَّا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَيَطْغَى...".
- أن تقع بعد "حيثُ" مثل: أقف حيث إنّ الوقوف مناسب.
- أن تقع بعد "إذْ" مثل: انتشر العدل إذ إن عمر –رضي الله عنه- أمير.
- أن تكون في بداية جملة الصلة (أي بعد اسم موصول) مثل قوله تعالى: "مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ".
- أن تكون في جواب القسم مثل قوله تعالى: "وَ العَصْرِ إِنَّ الإنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ...".
- أن تكون محكية بالقول (بعد: قال، يقول، قيل، قائل...) مثل قوله تعالى: "قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ".
- أن تكون في جملة حالية مثل قوله تعالى: "كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ".
- أن تأتي بعد فعل قلبي وخبرها مسبوق بلام الابتداء مثل قوله تعالى: "واللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ".
ثانيا: متى يجب فتح همزة إنّ؟
يجب فتح الهمزة واستخدام "أنّ" في حالات أهمها:
- أن تكون جملتها في محل مبتدأ مثل قوله تعالى: "وَمِنْ آيَاتِهِ أَنَّكَ تَرَى الْأرْضَ خَاشِعَةً" .
- أن تكون خبرا (ويشترط النحاة أن يكون المبتدأ هنا اسم معنًى) مثل: حَسْبُكَ أنكَ كريمٌ.
- أن تكون في محل فاعل مثل قوله تعالى: "أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ" .
- أن تكون في محل نائب فاعل مثل قوله تعالى: "قُل أُوحِيَ إِلَيَّ أنَّه اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ".
- أن تكون في محل مفعول به مثل قوله تعالى: "ولَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللهِ".
- أن تكون في محل جرّ بالإضافة مثل قوله تعالى: "وَإِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَمَا أَّنَّكُمْ تَنْطِقُونَ".
- أن تقع بعد حرف جر مثل قوله تعالى: "ذلكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ".
- أن تقع بعد "لَوْ" مثل قوله تعالى: "وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا واتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنَ اللهِ خَيْرٌ".
ثالثا: متى يجوز في همزة إن الفتح والكسر؟
يجوز في همزة إن الفتح والكسر في حالات تحتمل فيها جملة إنّ وجهًا يمكن فيه تأويلها بمصدر وتحتمل وجهًا آخر لا يسمح بتأويلها بمصدر، ومن أهم تلك الحالات:
- أن تقع بعد "إذا" الفُجائيّةِ مثل: خرجتُ فإذا إنَّ المطر نازل/ خرجتُ فإذا أنَّ المطر نازل.
- أن تقع بعد فاء الجزاء مثل: مَنْ يرضَ عن الفساد فإنه يُعتبر شريكا فيه/ مَنْ يرضَ عن الفساد فأنه يُعتبر شريكا فيه.
- أن تقع بعد مبتدأ هو قول ويكون خبرها قولا وقائل القولين واحد، مثل: قوْلي: إني أحمد الله/ قوْلي أني أحمد الله.
- أن تكون جملتها تعليلا لما قبلها مثل: أكرِمْ سعيدا، إنه يستحق الإكرام/ أكرِمْ سعيدا، أنه يستحق الإكرام.
- أن تقع بعد أيْ التفسيرية مثل: النحو يكرم أهله، أيْ إنه يجنبهم الأخطاء المحرجة/ النحو يكرم أهله، أيْ أنه يجنبهم الأخطاء المحرجة.