س1: أيّ عربية أتعلم؟ الفصحى أم العامية؟
ج: بداية لابد أن تعلم أن العرب عندهم لغة رسمية وهي الفصيحة وتستخدم في الأوراق الرسمية، والصحافة والكتب والخطب الرسمية ونشرات الأخبار والأنشطة الدينية، وهي معيارية ومشتركة بين الدول العربية، أي أنك إذا تعلمتها فيمكنك أن تتواصل بها في كل الدول العربية، مع العلم بوجود فروق طفيفة بين كل بلد وآخر، وربما تحتاج أياما حتى تدرك تلك الفروق وتضبط أذنك لفهمها.
والعامية تتكون أغلب مفرداتها من كلمات فصيحة لكنها "محوَّرة" وتستخدم في المعاملات اليومية والدراما والأغاني، وهي تختلف من بلد لآخر، بل يمكن أن تختلف من شمال بلد إلى جنوبه، وتعتبر العامية المصرية والشامية من أكثر العاميات فهما في العالم العربي نظرا لانتشار الدراما المصرية والسورية واللبنانية.
ومن ثم فلا يمكن أن أقول لك لابد أن تتعلم الفصحى أو العامية، لكن تعلم الذي يحقق هدفك من تعلم العربية، وإن كانت اللغة العربية الفصيحة أكثر انتشارا واستخداما، ومن تجربتي الشخصية فإن الطلاب الذين تعلموا العربية الفصيحة تعلموا العامية بسهولة وسرعة، بل إن بعضهم تعلمها من خلال حياته مع العرب دون معلم أو معهد.
س2: أنا من بلد غير عربي، هل الأفضل أن أتعلم في بلدي أم في بلد عربي؟
ج: طبعا أن تتعلم لغة بين أهلها أفضل، لكن هذا يحتاج وقتا ومالا وصبرا على مشاق الغربة والمغامرة، ويحتاج أيضا حسن اختيار للمكان الذي سوف تدرس فيه لأنه معاهد تعليم العربية في البلاد العربية ليست كلها جيدة، فإن لم تستطع أن تتعلم في بلد عربي فلا يخلو بلد في العالم تقريبا من مؤسسات تعليم العربية، فابحث عن مؤسسة محترفة في بلادك تكون سمعتها جيدة وتعلم فيها، وإن سمحت ظروفك بالسفر إلى العالم العربي فافعل.
س3: أيهما أفضل؟ المدرس العربي أم مدرس من بلدي تعلم العربية وصار معلما؟
ج: كل منهما له دور، وكل منهما له مميزاته، فالعربي المحترف بالتأكيد يتقن لغته وحبذا لو كانت لديه خبرة، والمعلم المحترف يستطيع أن يساعدك على الفهم الصحيح للمواد المقروءة ويساعدك على التحدث ويجعلك تسمع لغة سلمية ومعاصرة. والمدرس غير العربي الذي تعلم العربية يشعر بشعورك ويعرف كيف تفكر وما الصعوبات التي تقابلك أثناء تعلمك، ومن ثم فهو قادر على مساعدتك على عبور تلك الصعوبات، وقادر على شرح القواعد بشكل يقربها إلى لغتك ويستطيع أن يوصل لك ما لا يستطيعه المعلم العربي، ومن ثم فهما معلمان متكاملان وليسا متعارضين.
وخلاصة هذه النقطة أن الطالب عليه أن يسأل من سبقوه:
- هل المعلم من أبناء اللغة أم لا؟ وإذا لم يكن من أبناء اللغة هل ينطقها جيدا؟
- هل المعلم من المتخصصين في اللغة؟ أي هل درس اللغة دراسة أكاديمية في مؤسسة تعليمية؟
- هل المعلم لديه دراية بتعليم اللغة العربية لغةً أجنبية؟
إذا توافرت تلك الشروط فإن هذا المعلم مناسب للدارسة عليه.
س4: ما أفضل كتاب لتعليم العربية للناطقين بغيرها؟
ج: لا يوجد شيء اسمه أفضل كتاب، هناك كتب تخدم أهدافا محددة، فالسؤال الأمثل هو "ما الكتاب المناسب لهدفي؟".
ولأني لا أعرف هدفك الآن فأنصحك نصائح عامة:
اختر الكتاب الذي لا يستخدم الترجمة في غير الأهداف أو قاموس الكتاب، إلا إذا كان الكتاب للدراسة الذاتية فيمكن أن يكون الشرح فيه بلغة الطالب.
اختر الكتاب الذي يغطي المهارات المختلفة الاستماع والتحدث والقراءة والكتابة، والذي يكون معاصرا قدر الإمكان؛ لأننا الآن في عصر الانفجار المعرفي فكل يوم هناك جديد، ولذلك لابد أن تُطَوَّرُ كتبُ تعليم اللغات أولا بأولا، فلا يمكن ندرس كتابا ما زال يدرس كيف نكتب "تلغراف" أو يتكلم عن دول انتهت وقامت غيرها على مواقعها.
س5 : ما أفضل طريقة تدريس؟
ج: هناك قاعدة نتعلمها ونعلمها في كليات التربية تقول "لا توجد طريقة تدريس مثلى"، فهناك طرق مناسبة لظروف وغير مناسبة لظروف أخرى. هناك طرق تدريس مختلفة لتدريس اللغات الأجنبية، إلا أن المنتشر منها طريقتان، طريقة تستخدم لغة الطلاب الأم أثناء التدريس وتسمى "طريقة النحو والترجمة"، وطريقة تستخدم اللغة المتعلمة أي اللغة التي يرغب الطلاب في دراستها ولا تستخدم لغة وسيطة في التدريس.
ويرى الباحثون في مجال تعليم اللغات الأجنبية أن الطرق التي لا تستخدم لغة وسطية هي الأكثر فائدة للطلاب، لأنها أشبه بالأسلوب الفطري لتعلم اللغة، فالطفل يولد وهو لا يعرف أية لغة، فيبدأ في الاستماع لمن حوله "مهارة الاستماع"، ثم يبدأ في محاكاتهم في الكلام "مهارة التحدث"، ثم حينما يشب يتعلم القراءة "مهارة القراءة"، ثم في النهاية يستطيع أن يكتب ويعبر عما يريد "مهارة الكتابة"، علمًا بأن هناك اختلافات بين تعلم الطفل لغته الأم وتعلم الكبار للغة الأجنبية.
وقد قابلت العديد من الطلاب درسوا العربية في بلادهم لمدد تزيد عن ست سنوات إلا أنهم لا يستطيعون أن يتحدثوا بها مدة ثلاث دقائق متصلة، وذلك لأنهم تعلموها بالطريقة الأولى "النحو والترجمة" التي تعتمد على استخدام لغة الطلاب الأم، ومن ثم فهم لم يتعودوا على الاتصال باللغة العربية، فكل علاقتهم باللغة هي النصوص اللغوية التي كان المعلم يترجمها إلى لغتهم الأم، مع العلم أني قابلت بعض المترجمين المتميزين ممن درسوا بطريقة النحو والترجمة وأتقنوا فن الترجمة بشكل كبير لكنهم في الوقت نفسه لا يحسنون الاتصال بالعربية.
وخلاصة القول في هذه النقطة أنه إذا كان الطالب يريد دراسة اللغة العربية للاتصال فلابد أن تكون لغة الدراسة هي العربية لا غيرها.
س6: ما جوهر تعلم اللغة بالضبط هل هو الكلام أم القواعد أم ماذا بالضبط؟
ج: عندما يتعلم إنسان لغة ما فإنه يحتاج إلى: مهارات لغوية وعناصر اللغة وثقافة اللغة.
والمهارات اللغوية هي الاستماع والتحدث والقراءة والكتابة، وعناصر اللغة هي الأصوات والمفردات والتراكيب، والثقافة هي أفكار وعادات وتقاليد الناس، وأشكال العلاقات بينهم ونظرتهم إلى الكون وخالقه.
وهناك طريقة لتعلم كل عنصر مما سبق وتنميته حتى يصل إلى مستوى الإتقان، وسوف نتكلم عن ذلك لاحقا.
س7: كيف يحدد مستوى إنسان في لغة ما؟
ج: هناك معايير عالمية لتحديد مستويات الأشخاص في اللغات الأجنبية، ومن أشهرها المعايير الأوربية CEFR ويتكون سلّمها من ثلاثة مستويات رئيسة تتضمن ستة مستويات فرعية، ومعايير المجلس الأمريكي لتعليم اللغة الأجنبية ACTFL ويتكون سلّمها من خمسة مستويات رئيسة وأحد عشر مستوى فرعيا، ولو بحثت على الإنترنت بتلك الكلمات غالبا فستجد شرحا بلغتك حول هذه المعايير، ويستند معظم مؤسسات تعليم اللغات إلى أحد هذين المقاسين وينشئ بعضها معايير خاصة به.
س8: إذا كانت مستويات إتقان اللغة ستة فإلى أي مستوى يجب أن أتعلم؟
ج: هذا يتوقف على هدفك من التعلم، فالشخص الذي يتعلم اللغة العربية مثلا لمجرد أن يعمل في فندق فيرحب بالضيوف ويأخذ بياناتهم فحسب، لا يحتاج إلى أكثر من المستوى الأول، وإذا كان الشخص يريد أن يَدْرُس في كلية للعلوم الإسلامية فلابد أن يكمل المستوى الرابع على الأقل، والشخص الذي يريد أن يعمل مراسلا تلفزيونيا أو صحفيا يحتاج إلى إكمال المستوى الخامس على الأقل، أما الشخص الذي يسعى لأن يعمل محاميا في دولة عربية فإنه يحتاج إلى أن يصل إلى المستوى السادس، وهكذا فكل هدف له متطلباته.
س9: ما المدة الزمنية اللازمة لأن أصل إلى أعلى مستوى في تعلم اللغة العربية؟
ج: اللغة العربية شأنها شأن أي لغة تحتاج وقتا لتعلمها، وللأسف لم يخترع العلماء حتى الآن بطاقة إلكترونية تضيف اللغة لمحتويات العقل البشري، ومن ثم فعليك –حتى حين اختراع تلك البطاقة- أن تعطي نفسك وقتا لتتعلم، وهذا الوقت لا يقصد به ساعات الدراسة في الفصول، بل لابد من وقت للمذاكرة المنفردة أو الجماعية، فالمعلم في الفصل هو مجرد مساعد لك على التعلم، مثل مايسترو الفرقة الموسيقية لكنه لن يعزف لك.
والآن فرصة إتقان اللغة عالية جدا فهناك آلاف –إن لم تكن ملايين– من المواد باللغة العربية على الإنترنت منها الفصيح ومنها العامي، وهي أنواع مختلفة بعضها أفلام روائية ووثائقية وبعضها مسلسلات وأغان ورسوم متحركة إلخ ... وكلها يمكن أن تساعدك في تنمية لغتك.
ومن تجربتي الشخصية فإن الشخص يمكن أن ينتهى من المستوى الرابع –من ستة مستويات– بعد تسعمائة ساعة دراسية، وهذا يناسب أغلب من يتعلمون العربية، أما من أراد أن يرتقي إلى مستوى أعلى من ذلك فقد يحتاج إلى أكثر من ألف وخمسمائة ساعة أخرى ليتكلم العربية بمستوى قريب من أهلها، وليس معنى ذلك أنه لابد أن ينتظم في صف دراسي، بل يمكن أن تكون تلك الساعات عبر قراءته لعلوم مختلفة باللغة العربية.
س10: إذا وصلت إلى آخر مستوى في تعلم اللغة العربية فهل يمكن أن أدَرِّسها؟
ج: تعلم اللغة شيء وتعليم اللغة شيء آخر، إذا تعلمت العربية فأنت تعلمت لغة، أما إذا أردت أن تُدرِّسها فلابد أن تَدرُس علوم تدريس اللغات من مناهج وطرق تدريس وتقانات تعليمية وتقييم.
س11: إذا وصلت إلى آخر مستوى في تعلم اللغة العربية فهل يمكن أن أعمل مترجما لها؟
ج: تعلم اللغة مهم جدا في عملية الترجمة، لكن الترجمة نفسها فنّ له أصوله ومتطلباته ومن ثم فإذا تعلمت اللغة جيدا فلابد أن تدرس "فنيات" الترجمة حتى تستطيع أن تترجم ترجمة احترافية.
س12: هل يمكن أن أدرس اللغة العربية دراسة ذاتية؟
ج: نعم جزئيا.. هناك مهارات استقبال ومهارات إنتاج، فمهارات الاستقبال هي الاستماع غير التفاعلي والقراءة غير التفاعلية، وهذه يمكن تعلمها من خلال مواقع الإنترنت المتخصصة وكتب الدراسة الذاتية، أما المهارات الإنتاجية وهي التحدث والكتابة فتحتاج إلى معلم يصوِّب لك الأخطاء ويساعدك على التقدم ويكتشف أخطاءك ويحللها ويرشدك إلى علاجها أولا بأول، وكذلك الجوانب الثقافية الدقيقة تحتاج إلى معلم أو صديق عربي.