العربية لغة القرآن الكريم ولتعليمها وتعلمها أهداف كثيرة فهي: أداة بناء الثقافة والحضارة الإسلامية، ونشرها وتطويرها من واجبات محبيها، وسيلة مهمّة لنهضة الأمة وأجيالها المستقبيلة. وتعلم وتعليم العربية له طرائق متنوعة وإستراتيجيات متعددة، فالعملية التعليمية ليست مجرّد الكتابة والقراءة في الجامعات والمدارس والمعاهد فقط، بل هي أكثر من ذلك؛ لأنها تبني الشخصية المميزة في التواصل الفعَّال مع كل محبيها. وهذا المقال سيضيف لمحة إبداعية للمتعلم والمعلم في سلسلة مهارات العربية وسنبدأ بالنشاط اللاصفي في عصر الاقتصاد الرقمي.
مهم جدا أن نتعرف على النشاط اللاصفي وهو ترجمة للمصطلح الأجنبي (Extra curricular activity)، وتطلق عليه مصطلحات أخرى منها: النشاط اللامنهجي، والنشاط الإضافي، والنشاط غير الصفي، والنشاط الحرّ، والنشاط المتمم أو المكمل، والنشاط المدرسي الحر، ويعرّف بأنه: ما يقوم به المتعلمون من أعمال وينفذونه خارج الفصل من توجيهات داعمة للمنهج ومكملة له.
والنشاط اللاصفي متنوّع ومتعدّد، ونستطيع أن نستخدمه لاكتساب اللغة العربية في عصر الاقتصاد المعرفي. ويمكن أن نعرّف الاقتصاد المعرفي بأنه النشاط المالي والتجاري والاستثماري الذي يعتمد على الرقمنة والتقنية ويتجاوز حدود الزمان والمكان. ولا بد من الاستفادة من التكنولوجيا في أداء النشاط اللاصفي بالاعتماد على المنصات الرقمية في تصميمه وتنفيذه وتقويمه وتوظيف إمكانات الشبكة العنكبوتية الدولية في انتشاره.
إن العمل التعليمي دون هدف محدد إضاعة للوقت والجهد، والهدف من النشاط اللاصفّي يتبلور في: خلق بيئة لغوية افتراضية تضارع بيئة الناطقين باللغة الهدف. والتدرَّب على ممارسة مهارات اللغة الهدف بحرية تامّة. والتغلّب على بعض ضغوط المتعلمين النفسية كالخجل وفقدان الثقة. والكشف عن اتجاهات المتعلمين ومواهبهم. وتكملة الجوانب اللغوية للمنهج التي لم يتطرق لها محتوى المقرر (كالمحظورات الدلالية التي تتجاهلها محتويات المادة العلمية في معظم كتب تعليم العربية). وتدريب المتعلمين على تطوير إمكاناتهم المهارية في استخدام الأجهزة الرقمية الذكية. والاستفادة من الوقت في عمل مفيد. والتواصل مع مختلف الجنسيات الناطقة باللغة الهدف بلهجاتهم المختلفة كتابة وشفاهة عبر مختلف الوسائط. وسهولة وسرعة الحصول على معنى الكلمة ومعرفة سياقاتها المختلفة. والاحتفاظ بالمادة اللغوية مع إمكانية نسخها للمعلم. وإتاحة الفرصة للمتعلم لمشاهدة نفسه وسماع صوته في أي مكان وأي زمان. تساعد بعض برامج النشاط في التدقيق الإملائي. وإمكانية الترجمة الفورية. إمكانية الاستماع للنصوص ومشاهدتها مكتوبة. وفيه خاصية النطق ببرامج مختلفة.
وكل هذه الأهداف تنسجم مع اقتصاد المعرفة وتوفّر الجهد والوقت وتتخطّى حدود الزمان والمكان، فقد يكون المتعلم في بلد والمعلم في بلد آخر والمؤسسة التعليمية في بلد ثالث.
وتحقق هذه الأهداف تعلم وتعليم اللغة العربية لاكتساب المعارف المختلفة لمواجهة الحياة العالمية، والنشاط اللاصفي بمهاراته هو حل وعلاج لمشكلات موجودة في العملية التعليمية. وهو يتجاوز اكتساب المعارف ويتحول إلى تحصيل المعلومات على مستوى النظريات والخبرات العلمية والعملية والمهارات اللغوية المتقدمة.
وأخيرًا نؤكد أن الرابط بين اكتساب اللغة واقتصاد المعرفة قويّ جدا؛ لأن اللغة هي مفتاح باب الدخول إلى الاقتصاد المعرفي العالمي، والاجتهاد في النشاط اللاصفي عند متعلمي اللغة العربية هو مفتاح النجاح لأن المتعلم يتعلم الكلمات ويستخدمها في مواقف اتصالية وتداولية متعددة.