اكتشف علماء آثار في مدينة "ريكوبوليس" بإسبانيا، ملامح مدينة للقوط الغربيين، فيها أجزاء من قصر قديم، ومبنى قد يكون لأحد أقدم المساجد المتبقّية في أوروبا.
جاء ذلك في دراسة نشرتها مجلة العصور القديمة، التابعة لجامعة كامبريدج في بريطانيا.
وقد استخدم الباحثون تقنية المسح المغناطيسي، بدون حفر، للكشف عن الجدران والهياكل المدفونة تحت الأرض.
وأظهرت التقنية وجود بِنْيَة حضارية كثيفة وقصور ملكية، وضاحية خارج المدينة.
ووجد الباحثون أن المدينة -التي يبلغ عمرها 1400 عام- كانت أوسع بكثير مما تشير إليه الأنقاض المرئية في الموقع اليوم.
ووجدوا مبنى كبيرا ذا اتجاه مختلف عن جميع المباني، مصمّما باتجاه قبلة المسلمين في مكة المكرمة، وتشبه أرضيته مساجد الشرق الأوسط. وقال أحد علماء الآثار المشاركين في المسح: في كل مكان استطعنا مسْحه وجدنا أبنية وشوارع وممرات. والحفريات وحدها هي القادرة على تأكيد أن المبنى هو بالفعل مسجد. وإذا كان الأمر كذلك، فقد يكون أقدم مسجد متبقٍّ في أوروبا.
القوط في طليطلة
ينتسب القوط الغربيون إلى القبائل الجرمانية، وقد أسسوا مملكة في جنوب غرب أوروبا في العصور القديمة المتأخرة، أي قبل بدء العصور الوسطى بقليل، وقاموا باجتياح روما عام 410.
وفي النصف الثاني من القرن السادس الميلادي، توسعت مملكتهم في أوروبا، وكان مركز قوتهم في شبه الجزيرة الآيبيرية، وكانت عاصمتهم في توليدو (طليطلة) بإسبانيا.
وفي عام 578 بنوا مدينة جديدة تسمى ريكوبوليس، وهي الآن مدفونة تحت الأنقاض، ويحتمل أن يكون العرب الذين فتحوها في القرن الثامن الميلادي قد بنوا فيها مسجدا جامعا.
رحلة البحث والتنقيب
استمرت أعمال الحفريات الحديثة في ريكوبوليس عدة عقود، لكن علماء الآثار لم يكتشفوا حتى الآن إلا نحو 8٪ من المساحة الموجودة داخل أسوار المدينة.
وسيقوم الباحثون في العام المقبل بإجراء مسح جغرافي مغناطيسي للموقع. وتمكّن تقنية التنقيب المغناطيسي الباحثين من رؤية الهياكل وبقايا المباني تحت سطح الأرض.
وقد أظهرت نتائج المسح الأوّلي أن المساحات الفارغة داخل أسوار المدينة كانت مليئة بالشوارع والمباني.
من تاريخ ريكوبوليس
تمثّل مدينة "ريكوبوليس" الأثرية الآن مثالا استثنائيا على التحضُّر المبكّر في العصور الوسطى، وهو ما يخالف تصوراتنا عن التنمية الحضرية في أوروبا في القرن السادس.
وكانت المدينة قد بُنِيتْ في القرن السادس وسط اضطرابات سادت العالم من أوروبا الغربية إلى الصين. ويرتبط ذلك العصر بالهجرات الجماعية والانهيار الإمبراطوري ونقص الغذاء والمجاعة، فضلا عن أول ظهور معروف لمرض الطاعون العُقَديّ.
وكانت نهاية حكم القوط الغربيين في المنطقة أثناء الفتح الإسلامي عام 711.