ونسيان الكلمات لدى متعلمي اللغة العربية الناطقين بغيرها يتخذ أشكالا مختلفة لعل أبرزها وأكثرها شيوعا أن ينسى المتعلم الكلمات التي سبق أن درسها سواء كان مبناها أم معناها.
أما نسيان مبنى الكلمة فيقع فيه المتعلم عندما يمارس المهارتين الإنتاجيتين الكلام والكتابة أي أنه يريد أن يعبر عن معنى ولكنه ينسى الكلمة التي تفيده.
وأما نسيان معنى الكلمة فيقع عادة عندما يمارس المتعلم المهارتين الاستقباليتين الاستماع والقراءة، أي أنه يسمع كلمة أو يقرؤها ولكنه ينسى معناها. فبما أن استعمال الكلمة في الاتصال اللغوي هو في الغالب على أساس المبنى والمعنى فنسيان مبنى الكلمة أو معناها يحرم المتعلم من فهمها استقباليا واستعمالها إنتاجيا، مما يعني أنه تعرض له مشكلة في جميع أنواع الاتصال اللغوي.
ونسيان الكلمة مشكلة نفسية أكثر منها لغوية وتقف وراءه أسباب عدة تعليمية وتعلمية. فأما نسيان معنى الكلمة فيحدث غالبا نتيجة طريقة الترجمة التي يلجأ إليها المعلم في تعليم الكلمات. هذه الطريقة سهلة التنفيذ لأنها لا تكلف المعلم إلا تحضير قائمة الكلمات وما يقابلها في لغة المتعلمين. إلا أن من عيوب هذه الطريقة أن معاني الكلمات التي يقدمها المعلم من خلالها لا تدوم طويلا في ذاكرة المتعلمين لأنها تأتي من خلال ترجمتها لا من خلال ربطها بمدلولاتها. ونظرية تعليم اللغة وتعلمها تثبت أن شرح معنى الكلمات عن طريق ربطها بمدلولاتها أكثر رسوخا في الذاكرة من شرحها عن طريق الترجمة. فكون المعلم يشرح معنى كلمة "قلم" بعرض قلم بيده على المتعلمين يُعد أكثر فعالية من أن يترجمها فيقول "a pen". وعندما ينطق كلمة "مشى" ثم يمثل حركة المشي أمام المتعلمين فسيكون ذلك أقوى توصيلا للمعنى من أن يترجمها لهم فيقول "to walk".
ونسيان الكلمات ينتج أيضا من طريقة الحفظ التي يتعامل بها المتعلمون مع ما قدمه المعلم من الكلمات المترجمة. هذه الطريقة سهلة على المتعلمين لأنها لا تكلفهم إلا الاطلاع المتكرر على تلك القائمة حتى يحفظوها حفظا آليا. إلا أن معاني الكلمات التي تصل إليهم من خلال الحفظ تكون ضعيفة الرسوخ في ذاكرتهم لأن عملية تخزينها تتصف بالآلية ولا تتم من خلال الإدراك. فعندما يكتب المعلم على السبورة "مشى = to walk" مثلا فما على المتعلمين إلا حفظ ذلك، وأما عندما ينطق المعلم كلمة "مشى" ثم يقرن نطقها مباشرة بحركات المشي فسيدرك المتعلم مدلول هذه الكلمة ويفهمه جيدا. والمعنى المخزون عن طريق الإدراك أشمل بعدا وأقوى رسوخا من المعنى المخزون عن طريق الحفظ ومن ثم يكون أطول بقاءً في الذاكرة.
ومن أسباب نسيان الكلمة أيضا تعليمها وتعلمها بطريقة مستقلة ومعزولة عن السياق. لكل كلمة معنيان معجمي وسياقي، فعندما يقدم المعلم الكلمات على شكل قائمة مع وضع ما يقابلها في لغة المتعلمين فلا يتلقى المتعلمون من تلك الكلمات إلا معانيها المعجمية. أما إذا شرح المعلم معناها عن طريق وضعها في سياق الجملة فسيتلقى المتعلمون من ذلك معناها السياقي. والمعنى المعجمي لا يبقى طويلا في الذاكرة لأنها لا يعبر عن سياق أو موقف ولا يرتبط بكلمات أخرى توضح معنى الكلمة بخلاف المعنى السياقي الذي تتوفر فيه هذه الجوانب. فمعنى كلمة "عاصمة" التي يقدمها المعلم من خلال السياق "جاكرتا عاصمة إندونيسيا" أكثر وضوحا للمتعلمين وأكثر رسوخا في ذاكرتهم من معناها المقدم من خلال الكتابة على السبورة "عاصمة = Capital city".
ومما يؤدي أيضا إلى نسيان المتعلمين الكلمات التي درسوها تقديمها من خلال النصوص غير الجذابة. إنه من المؤكد نفسيا أن تخزين معنى الكلمات في ذاكرة المتعلمين يكون سهلا وفعالا إذا وردت في نص يشوقهم ويستمتعون بقراءته. بعبارة أدق فإن جاذبية النص تضمن لكلماته بقاء طويلا في ذاكرة من يقرؤه. فعندما لا يحسن المعلم اختيار النص الذي يقدم من خلاله الكلمات المراد تعليمها ولا يراعي جاذبية ذلك النص بالنسبة للمتعلمين يورد الكلمات في نص جاف غير جذاب لا يترك المعنى في ذاكرتهم إلا مدة قصيرة.
ونسيان معاني الكلمات قد يحدث أيضا نتيجة عدم مراجعتها وعدم إشراكها في مواكبة تقدم دروس المتعلمين. عندما يتلقى المتعلم كلمة جديدة يضعها في ذاكرته لتتخذ فيها مكانا من بين الكلمات الأخرى. وعندما تتراكم بعدها الكلمات الجديدة تزول شيئا فشيئا فإن لم تستدع وتراجع يتم نسيانها كليًّا. وعليه فعلى المعلم أن يراجع الكلمات التي تم تعليمها كلما قدم درسا جديدا وذلك عن طريق استعمالها في شرح الكلمات أو تقديم التدريبات.
هذا، ويتضح مما سبق بيانه أن نسيان المتعلمين الكلمات العربية التي درسوها يقع لأسباب نفسية لها علاقة قوية بالأساليب التي يقدم بها المعلم تلك الكلمات. وأهم ما يساعد المعلم على تجنب ذلك النسيان هو أن يشرح معاني الكلمات من خلال عملية الإدراك بدلا من الحفظ، وأن يورد الكلمات في سياق يوضح معناها ويقدمها من خلال نص يشوق المتعلمين فيستمتعون بقراءته ويتذكرون ما فيه من الكلمات مدة طويلة.