مفهوم النكتة
تُعدُّ النكت من الأفعال الكلاميّة اليوميّة التي لا تخلو منها ثقافة أو شعب، وهي تتطلب مستوًى عاليًا من الكفاية الاتصاليّة لفهمها وإنتاجها. وتتطلب قدرًا كبيرًا من أساسيات اللسانيات الاجتماعية والنفسية والتدوالية. وهي تتساوق مع الأسئلة الملحة في تعليمة اللغات الأجنبية في رباعية الأسئلة المشهورة: ماذا نُعَلِّم؟ ولمن نُعَلِّم؟ وكيف؟ ولماذا؟ وبالتالي فهي تغطي (Cruz, 2019) المجالات: اللغوية والثقافية والمعرفية في إنتاج الدارسين. والنكتة ظاهرة اجتماعية تقوم بوظائف متعددة، فباﻹضافة إلى التسلية، فهي تخفف من حدّة التوتر والحقد والعداء، وتسعى ﺇلى نشر الفضيلة وتقويم الاعوجاج، وفضح الانحراف كما تعدّ وسيلة فعالة للتواصل الاجتماعي. ﺇنها استعمال براغماتي للغة، فعبرها يمكن للناس أن يُبلّغوا مواقفهم ومعتقداتهم ورغباتهم وميولاتهم بشكل ملتو بعيد عن أعين الرقابة. الشيء الذي لن يتأتى لهم بوسيلة أخرى، وﺇنه لمن الصعوبة بمكان أن نعطي تعريفًا جامعًا مانعًا لهذا المفهوم الملتبس المسمى "النكتة" لأنه مفهوم زئبقي يأبى الثبات. هذه الصعوبة تمتد إلى الضحك، ﺇذ هو الأصل الذي تتفرع عنه مجموعة من المفاهيم كالسخرية والفكاهة والهزل والنكتة (بوجمعة، 2015).
لماذا تستخدم النكت في فصول تعليم العربية للناطقين بغيرها؟
تستخدم النكتة في فصول تعليم العربية للناطقين بغيرها في تدريس الثقافة بشكل أساسي، إذ تعدُّ مصدرًا غنيًّا بالثقافة. كما يمكن توظيفها في تدريس المفردات اليومية والتراكيب الشائعة المستخدمة في حياة العرب اليومية، ويمكن أن يمتدّ استخدامها لكي يصل إلى المهارات اللغوية الأربع: الاستماع والمحادثة والقراءة والكتابة، كما أنّها تعدّ فوق ذلك كله وسيلة للترفيه وإضفاء جوّ من الفرح والمرح في الفصل ناهيك عن دورها في رفع المعنويات وزيادة الدافعية في عملية التعلّم. وهي وسيلة فعّالة لتنمية المهارات المعرفية وما فوق المعرفية للدارسين. كما يعزز تدريس النكتة السلوكات غير اللغوية شبه الغائبة عن مجال تعليم العربية للناطقين بغيرها. (انظر حولها مقالتنا على الشابكة: السلوكات غير اللغوية في فصول تعليم العربية للناطقين بغيرها) وهي فوق كل ذلك مجال رحب لتعزيز التفاعل الصفي لكونها من الأشياء المحببة إلى كل أنواع البشر وفي كل الثقافات. ويؤكد ذلك (ATTARDO ، 2002) بقوله قد تسهل الفكاهة بشكل عام، والنكات بشكل خاص، تحقيق الأهداف التفاعلية الشائكة، مثل التعبير عن الآراء المثيرة للجدل، والاعتراض، وتقديم الطلب، على سبيل المثال لا الحصر. ويضيف (Brown and Levinson , 1987)) أنها قد تعد واحدة من إستراتيجيات اكتساب سلوكات التأدب الإيجابية في الثقافة الهدف. هذا بالإضافة إلى أنها تعمل على تعزيز الحافز والانتباه والاهتمام والاحتفاظ بالمحتوى، وتبديد القلق. وتكون النكتة ذات مواضيع عديدة اجتماعية ودينية وسياسية وغيرها، ويمكن إجمال وصفها بأنها ظاهرة ثقافية.
واقع النكت في فصول تعليم العربية للناطقين بغيرها
نادرة هي السلاسل التي اشتملت على نكتة أو اثنتين في العالم العربي، فهي تكاد تكون خلوًا من هذا النوع من النصوص على أهميته، وكذلك يهمل المدرسون النكت في الفصول الدراسية ولا يضمّنها في الدروس إلا قلّة قليلة منهم. أمّا الكتب التي وضعت للناطقين بغير العربية فلم أر أيّ كتاب منها مهتمّ بالنكت إلا كتاب الزميل العزيز والصديق الغالي الأستاذ سويفي فتحي الذي وضع كتابًا طريفًا مميزًا يتكون من ثلاثة أجزاء بعنوان تعليم العربية للناطقين بغيرها بالطرفة والنكتة، وقد جعله في ثلاثة مستويات؛ كتاب للمستوى المبتدئ وكتاب للمستوى المتوسط وكتاب للمستوى المتقدم. وسوف ندفع قريبًا بكتاب خاص لنا بعنوان 100 نكتة لتنمية الكفاءة اللغويّة للناطقين بغير العربية ضمن سلسلة المئات في تعليم العربية للناطقين بغيرها.
متى يمكن البدء في دمج النكت في فصول تعليم العربية للناطقين بغيرها؟
يعد أفضل مستوى لتضمين النكت فيه هو المستوى المتقدم وما يعلوه، كما يمكن تقديمها في المستوى المتوسط مع بعض المحاذير المهمة التي من أبرزها أن تكون مناسبة للمستوى: ثقافة ولغة وتراكيب، وخلوها من الرمزية المغرقة، والإحالات التاريخية، والإشارات الخاصة بعصر ما أو بلد بعينه.
تطبيق عملي
اقرؤوا النكت الآتية:
النكتة 1:
- المرأة لزوجها: لقد حلمت بالأمس بأنك اشتريت لي ساعة..!!
الزوج : رائع! البسيها في الحلم القادم.
النكتة 2:
- سأل معلم التاريخ طلابه: من قتل أبا جهل؟
- الطالب الأول: لست أنا يا أستاذ.
- الطالب الثاني: والله أنا أمس كنت غائبًا فلا أعرف من قتل أبا جهل.
- الثالث: أنا لا أستطيع أن أقتل نملة فكيف أقتل أبا جهل.
- غضب المعلم وتوجه إلى المدير، وحدثه بما حصل.. فذهب المدير الى الصف هو والمعلم، وسأل المدير الطلاب: من قتل أبا جهل؟ ثم سأل مرة ثانية بصوت عصبي مرتفع، من قتل أبا جهل؟ - والكل صامت لا يجيب.. فتوجه المدير الى المعلم سائلا: هل أنت متأكد من أن الذي قتل أبا جهل من هذا الصف؟!
النكتة 3:
- كان جحا يملك عشرة حمير، وخرج بها لكي ترعى، فركب على واحد فعد الباقي فإذا هي تسعة ثم نزل عن الحمار العاشر وعدها فإذا هي عشرة، فقال: أمشي وأكسب حمارًا بدلا من أن اركب وأخسر حمارًا.
النكتة 4:
- استعار جحا من جاره طنجرة، وعندما أعادها أعاد معها طنجرة صغيرة، فسأله جاره: لماذا أعدت مع طنجرتي طنجرة صغيرة؟ فقال جحا: إن طنجرتك قد ولدت أمس طنجرة صغيرة، وإنها الآن من حقك. وبعد مرور أيام ذهب جحا إلى جاره، وطلب من جاره طنجرة، فأعطاه جاره طنجرة، وعندما تأخر جحا في إعادة الطنجرة ذهب جاره إليه وطلب منه طنجرته، فقال له: جحا وهو يبكي إن طنجرتك قد ماتت أمس، فقال له جاره، وهو في حيرة من الأمر، هل أنت مجنون؟ كيف تموت الطنجرة؟ فقال جحا: غريب جدًّا أن تصدق أن الطنجرة تلد ولا تصدق أنها تموت. لقد ماتت.
عمل جماعي صفي:
تُقرأ النكت السابقة ثم تجري هذه المناقشة؟
- ما الذي يجعل النكتة مضحكة؟
- من هو جحا؟ هل سمعتم به؟ ابحثوا عنه في الشابكة وتحدثوا عنه؟ هل يوجد له مثيل في ثقافتكم؟
- ناقشوا هذه النكت لمعرفة ما إذا كانت مضحكة فعلًا؟
- كيف تختلف النكت من شعب لآخر ومن لغة إلى أخرى؟
في مجموعات ثنائية أو ثلاثية:
- رتبوا النكت من أكثرها إضحاكًا إلى أقلها، مُعَلِّلين ذلك.
- صلوا بين الأفعال والتراكيب الآتية وتعريفها الصحيح:
- (يضع المدرس قائمة بأهم وأبرز الأفعال المستهدفة ويضع مقابلها تعريفات لها)
- املؤوا الجمل الآتية بالفعل المناسب:
- (يضع المدرس مجموعة من الجمل التي تحتاج إلى أفعال أو كلمات مستهدفة)
- اقرؤوا إحدى النكت قراءة جاهرة معبرة.
إعادة الإنتاج:
- مثلوا النكت الحوارية وقدموا الأخرى أمام الزملاء.
- اختاروا نكتة أعجبتكم أكثر من غيرها وقدموها أمام الفصل.
- ابحثوا في غوغل عن نكتة من ثقافتكم ذات علاقة بهذه النكت وقدموها في الفصل بالعربية.