لعل من أهم الأمور التي يجب معرفتها عند تعليم العربية للأطفال غير الناطقين بالعربية الفروق والاختلافات بين تعليمها للصغار وتعليمها للكبار. فقد يأتي معلم يريد تعليم الصغار غير الناطقين بالعربية فيطبق عليهم ما يعرفه في تعليم الكبار غير الناطقين بالعربية، ظنًّا منه أن تعليم الصغار لا يختلف عن تعليم الكبار بوصفهم غير ناطقين بالعربية على حد سواء.
ومن هذا المنطلق كان حريًّا بنا الوقوف على أهم الفروق بين تعليم العربية للصغار وتعليمها للكبار. ويمكن حصر تلك الفروق في أربعة محاور هي: الأهداف، والمحتوى، وطرائق التدريس، وأساليب التقويم.
تختلف أهداف تعليم الصغار غير الناطقين بالعربية عن أهداف تعليمها للكبار غير الناطقين بها نظرًا لاختلاف العمر، والنفسية، والخبرة، والعقلية، وهو ما يؤدي إلى اختلاف في عدد الساعات والتنظيم والتوزيع؛ لأن الفترة الزمنية في تعليم الصغار تمتد أكثر من الكبار، فالأطفال يتعلمون وفق المراحل العمرية، خاصة إن كان تعليمهم ببيئة غير طبيعية؛ أي تعليمهم في غير بيئة اللغة. كذلك فإن المحتوى المقدم للأطفال يجب أن يختلف عن المحتوى المقدم للكبار الناطقين بغير العربية، فموضوعات الكبار تختلف عن موضوعات الصغار؛ إذ يجب أن يلبي المحتوى حاجات الصغار ورغباتهم، ويسعى لتشويقهم، كما يجب أن يخاطبهم بالخبرات والسلوكات التي تنمي المهارات الكلية لديهم، فغالبًا ما يقوم المحتوى المقدم للصغار على النصح والإرشاد أكثر من مجرد عرض الحقائق كما هو الحال بمحتوى الكبار، فمثلاً نقدم لهم موضوعات: العناية بالأسنان، فوائد الفواكه، المحافظة على نظافة مدرستي... إلى غير ذلك من أمور، ونحاول قدر الإمكان الابتعاد عن الموضوعات الكبرى مثل: أسعار الذهب، والبورصة، وطبقة الأوزون، كما أن المفردات عندهم محدودة جدًّا، فيجب أن يكون المحتوى مختلفًا ومتنوعًا ليثري ذخيرة الأطفال اللغوية.
وعندما تختلف الأهداف والمحتوى، فمن الضروري أن تختلف طريقة التدريس، فالتعامل مع الصغار يختلف عن التعامل مع الكبار، فتعليم الصغار يعتمد على التكرار واللعب والتقليد والمحاكاة والقوالب وكثرة الإعادة والأنشطة المتنوعة التي تراعي الذكاءات المتعددة، بينما تعليم الكبار يجمع بين المتعة والطرائق النفسية والعملية التي لا تكون بها ألعاب في كل الأوقات، إذ تعتمد على التحليل والمناقشة والنقد بالدرجة الأولى.
وإذا اختلفت هذه العناصر الثلاثة، الأهداف والمحتوى وطرائق التدريس، فأساليب التقويم يجب أن تختلف -كما هو الحال في المناهج والتدريس- أي أن لدي مدخلات ثم عمليات ثم مخرجات، فنحن نريد أن نقيس المخرجات في ضوء المدخلات، ولا نريد أن نضع توقعات عالية أو غير مناسبة للمستوى، وللفئة العمرية.
كما أن تقييم الكبار غالبًا ما يعتمد على الاختبارات، أما في تقييم الصغار فلا نفعل ذلك، وإنما نقيمهم عن طريق اللعب والنشاط، أو أداء دور في مسرحية، فليس بالضرورة أن يكون التقييم بصورة اختبارات حقيقية.
في هذه الأمور الأربعة يكمن الفرق بين تعليم العربية للصغار وتعليمها للكبار الناطقين بغير العربية، وعليك أيها المعلم أن تتنبه لبعض الأمور المهمة التي تؤثر في عملية تعليم الصغار الناطقين بغير العربية، مثل: تقبل جميع إجابات الأطفال دون توبيخ أو ضحك أو استهزاء، وعدم القول للطفل إنه مخطئ، واتباع أسلوب غير مباشر للتصحيح، ومراعاة الخلفية الثقافية للصغار غير الناطقين بالعربية، وتوفير جوّ نفسي مريح في البيئة الصفية مليء بالحب والمرح والضحك، فمن المعروف أن الطفل إذا ضحك استرخى، وإذا استرخى تعلّم، وزادت ثقته بنفسه، وتخلص من الخوف والقلق.