لغة عامة | المتوسط الأعلى
1
حكى الماوردي قال: كنت جالسا في مجلس مقبلا على تدريس أصحابي، فدخل علينا شيخ قد ناهز الثمانين، فقال لي: قد قصدتك في مسألة اخترتك لها!
قلت: وما هي؟
قال: أخبرني عن نجم (برج) إبليس وآدم!
فقلت: يا هذا إن نجوم الناس لا تعرف إلا بمعرفة موالدهم، فإن ظفرت بمن يعرف متى ولد آدم وإبليس فاسأله!
فقال: جزاك الله خيرا، وانصرف مسرورا!
2
تذاكر جماعة في حديث الأعضاء ومنافعها فقالوا: الأنف للشم والفم للأكل واللسان للكلام، فما فائدة الأذنين؟ فلم يتبين لهم في ذلك شيء، فأجمعوا على أن يسألوا أحد القضاة، فمضوا فوجدوا القاضي في شغل، فجلسوا على بابه ينتظرون، وإذا هناك خياط قد فتل خيوطا ووضعها على أذنه، فقالوا: قد أتانا الله بما جئنا نسأل القاضي عنه، إنما خلقت الآذان لتوضع عليها الخيوط، وانصرفوا مسرورين!
3
رأى بعض اللصوص أحد المغفلين يقود حمارا، فقال لرفيق له: يمكنني أن آخذ هذا الحمار دون أن يعلم هذا المغفل!
ثم تقدم فحَلّ المقود من الحمار ووضعه في رأس نفسه، وقال لرفيقه: خذ الحمار واذهب!
ومشى اللص خلف المغفل ساعة والمقود في رأسه، ثم وقف فجذبه فما مشى! فالتفت المغفل فرأى اللص فقال له: أين الحمار؟
فقال اللص: أنا هو!
فقال المغفل: وكيف هذا؟
قال: كنت عاقّا لوالدتي فمسخت حمارا، ثم رضيت عني فعدت آدميا!
فقال المغفل: لا حول ولا قوة إلا بالله، كيف كنت أستخدمك وأنت آدمي!
قال اللص: قد كان ذلك!
قال المغفل: فاذهب في حفظ الله!
ومضى المغفل إلى بيته فقال لزوجته: أعندك الخبر؟ كان الأمر كذا وكذا، وكنا نستخدم آدميا ولا ندري، فكيف نكفر؟ وكيف نتوب؟
فقالت: تصدق بما يمكن!
فبقي المغفل أياما ثم خرج إلى السوق ليشتري حمارا يعمل عليه، فوجد حماره معروضا للبيع، فهمس في أذنه: يا فاسق عدت إلى عقوق أمك!
المصدر
أخبار الحمقى والمغفلين لابن الجوزي، درا الفكر 1990.
ص 181-185-201 بتصرف.
1
حَكَى الْمَاوَرْدِيُّ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا فِي مَجْلِسٍ مُقْبِلًا عَلَى تَدْرِيسِ أَصْحَابِي، فَدَخَلَ عَلَيْنَا شَيْخٌ قَدْ نَاهَزَ الثَّمَانِينَ، فَقَالَ لِي: قَدْ قَصَدْتُكَ فِي مَسْأَلَةٍ اخْتَرْتُكَ لَهَا!
قُلْتُ: وَمَا هِيَ؟
قَالَ: أَخْبَرَنِي عَنْ نَجْمِ (بُرْجِ) إِبْلِيسَ وَآدَمَ!
فَقُلْتُ: يَا هَذَا إِنّ نُجُومَ النَّاسِ لَا تُعْرَفُ إِلَّا بِمَعْرِفَةِ مَوَالِدِهِمْ، فَإِنْ ظَفِرْتَ بِمَنْ يَعْرِفُ مَتَى وُلِدَ آدَمُ وَإِبْلِيسُ فَاسْأَلْهُ!
فَقَالَ: جَزَاكَ اللَّهُ خَيْرًا، وَانْصَرَفَ مَسْرُورًا!
2
تَذَاكَرَ جَمَاعَةٌ فِي حَدِيثِ الْأَعْضَاءِ وَمَنَافِعِهَا فَقَالُوا: الْأَنْفُ لِلشَّمِّ، وَالْفَمُ لِلْأَكْلِ، وَاللِّسَانُ لِلْكَلَامِ، فَمَا فَائِدَةُ الْأُذُنَيْنِ؟ فَلَمْ يَتَبَيَّنْ لَهُمْ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ، فَأَجْمَعُوا عَلَى أَنْ يَسْأَلُوا أَحَدَ الْقُضَاةِ، فَمَضَوْا فَوَجَدُوا الْقَاضِيَ فِي شُغْلٍ، فَجَلَسُوا عَلَى بَابِهِ يَنْتَظِرُونَ، وَإِذَا هُنَاكَ خَيَّاطٌ قَدْ فَتَلَ خُيُوطًا وَوَضَعَهَا عَلَى أُذُنِهِ، فَقَالُوا: قَدْ أَتَانَا اللَّهُ بِمَا جِئْنَا نَسْأَلُ الْقَاضِيَ عَنْهُ، إِنَّمَا خُلِقَتِ الْآذَانُ لِتُوضَعَ عَلَيْهَا الْخُيُوطُ، وَانْصَرَفُوا مَسْرُورِينَ!
3
رَأَى بَعْضُ اللُّصُوصِ أَحَدَ الْمُغَفَّلِينَ يَقُودُ حِمَارًا، فَقَالَ لِرَفِيقٍ لَهُ: يُمْكِنُنِي أَنْ آخُذَ هَذَا الْحِمَارَ دُونَ أَنْ يَعْلَمَ هَذَا الْمُغَفَّلُ!
ثُمَّ تَقَدَّمَ فَحَلَّ الْمِقْوَدَ مِنَ الْحِمَارِ وَوَضْعَهُ فِي رَأْسِ نَفْسِهِ، وَقَالَ لِرَفِيقِهِ: خُذِ الْحِمَارَ وَاذْهَبْ!
وَمَشَى اللِّصُّ خَلْفَ الْمُغَفَّلِ سَاعَةً وَالْمِقْوَدُ فِي رَأْسِهِ، ثُمَّ وَقَفَ فَجَذَبَهُ فَمَا مَشَى! فَالْتَفَتَ الْمُغَفَّلُ فَرَأَى اللِّصَّ فَقَالَ لَهُ: أَيْنَ الْحِمَارُ؟
فَقَالَ اللِّصُّ: أَنَا هُوَ!
فَقَالَ الْمُغَفَّلُ: وَكَيْفَ هَذَا؟
قَالَ: كُنْتُ عَاقًّا لِوَالِدَتِي فَمُسِخْتُ حِمَارًا، ثُمَّ رَضِيَتْ عَنِّي فَعُدْتَ آدَمِيًّا!
فَقَالَ الْمُغَفَّلُ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، كَيْفَ كُنْتُ أَسْتَخْدِمُكَ وَأَنْتَ آدَمِيٌّ!
قَالَ اللِّصُّ: قَدْ كَانَ ذَلِكَ!
قَالَ الْمُغَفَّلُ: فَاذْهَبْ فِي رِعَايَةِ اللَّهِ!
وَمَضَى الْمُغَفَّلُ إِلَى بَيْتِهِ فَقَالَ لِزَوْجَتِهِ: أَعِنْدَكِ الْخَبَرُ؟ كَانَ الْأَمْرُ كَذَا وَكَذَا، وَكُنَّا نَسْتَخْدِمُ آدَمِيًّا وَلَا نَدْرِي، فَكَيْفَ نُكَفِّرُ؟ وَكَيْفَ نَتُوبُ؟
فَقَالَتْ: تَصَدَّقْ بِمَا يُمْكِنُ!
فَبَقِيَ الْمُغَفَّلُ أَيَّامًا ثُمَّ خَرَجَ إِلَى السُّوقِ لِيَشْتَرِيَ حِمَارًا يَعْمَلُ عَلَيْهِ، فَوَجَدَ حِمَارَهُ مَعْرُوضًا لِلْبَيْعِ، فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ وَهَمَسَ فِي أُذُنِهِ: يَا فَاسِقُ عُدْتَ إِلَى عُقُوقِ أُمِّكَ؟!
المصدر
أخبار الحمقى والمغفلين لابن الجوزي، درا الفكر 1990.
ص 181-185-201 بتصرف.
الحال
* الحال وصف منصوب يأتي لبيان الهيئة، وهو في الغالب نكرة مثل: انصرف الرجل مسرورا.
"مسرورا" حال يبيّن هيئة الرجل عند انصرافه.
* والغالب في صاحب الحال -وهو الاسم الذي يبين الحال هيئته- أن يكون معرفة مثل: انصرف القوم مسرورين. فصاحب الحال هنا: القوم، و"مسرورين" حال.
* وكما يكون الحال اسما يكون جملة فعلية مثل: فجلسوا على بابه ينتظرون، أو جملة اسمية مثل: "كنت أستخدمك وأنت آدمي.
لمزيد من التدريب على التعبير عن الحال بشكل سليم والاطلاع على ترجمة قواعده يمكنكم مراجعة هذا الدرس في الموقع: الحال.