(1)
"تاج محلّ" معناه تاج القصور، أو قصر التّاجِ. يقع هذا المبنى في الهند، ويعدّ جوهرة العمارة الإسلامية وإحدى عجائب الدنيا؛ لما يحويه من جمال وإبداعٍ ساحر. ويجمع تاج محل مزيجًا من أساليب العمارة الإسلاميّة والهنديّة والفارسيّة، وفي كلّ عام يقصِده ملايينُ السّيّاح والزّائرين، ويعدّ رمزًا للحبّ والوفاء الأبديّ بين الأزواجِ، فما حكايته؟
(2)
تبدأ هذه الحكاية حين رأى الإمبراطورُ المسلم شاه جهان أميرةً جميلة في العشرين من عمرها -وهي ابنة أحد النّبلاء الفارسيّين، وتُدعَى "أرجمان بانو"- فوقع في حبّها من النّظرة الأولى، فخطبها وتزوّجها؛ لتبدأ أكثر قصص الحبّ شعبيّة في العالم.
وقد نالت "أرجمان بانو" حظوة ومكانة خاصّة لدى زوجها شاه جهان؛ فمنحها لقب "ممتاز محلّ" الّذي يعني جوهرة القصر.
(3)
كانت الملكة "ممتاز محلّ" زوجة رائعة مخلصة، وأمّا مربيّة معطاءة، ومستشارة حكيمة لزوجها، وكان لها نشاط في الأعمال الخيريّة والاهتمام بالفقراء والأيتام من أبناء شعبها، وعاش معها الإمبراطور شاه جهان حياة سعيدة ملؤها الثّقة والمودّة والحبّ.
(4)
ثمّ توفّيت ممتاز محلّ عام 1631م وهي تنجب مولودهما الرّابع عشر، فحزن الإمبراطور شاه جهان لوفاتها حزنا شديدا واعتزل النّاس عاما كاملا، وعندما ظهر عام 1632م كان الشّيب قد غطّى رأسه، والأسَى قد أنحل جسمه.
(5)
في بادئ الأمر دُفنت ممتاز محلّ في قبر متواضع، ولكنّ زوجها شاه جهان أراد أن يبني لها ضريحا يخلّد ذِكرها على مرّ العصور. فقرّر أن يبني أفخم ضريح في العالم؛ ليضمّ رفات جوهرته ممتاز، ويكون رمزا للحبّ والجمال لا مثيل له، وأسند مهمة بنائه إلى أشهر مهندس في دولته وهو المهندس المعماريّ المسلم أحمد لاهوريّ.
(6)
وقد استغرق العمل في هذا الضريح نحو اثنين وعشرين عاما، وهو بناء من الرّخام الأبيض يتغيّر لونه بحسب انعكاس ضوء الشّمس أو نور القمر على سطحه، وفي داخله زخارف عجيبة.
وقد سماه الإمبراطور شاه جهان "تاج محلّ"؛ ليحمل اسم زوجته "ممتاز محلّ" فتبقَى هذه الجوهرة المعماريّة الفريدة تخبر الأجيال بأروع قصّة حبّ ووفاء بين زوجين.