ع ق ل
لن يكون صعبا أن نستنتج الرابط السياسي بين "العقل" و"الاعتقال"، لكن ما الرابط اللغوي بينهما؟
الجذر (ع ق ل) يدل على: الحبس والإمساك والمنع.
وهذا واضح في قول رسول الله عليه السلام لمن سأله عن الناقة: "اعقلها وتوكل"، أي اربطها واحبسها ثم توكل على الله.
و"العقل" يحبس صاحبه عن التورط في المهالك، لذلك فإن "العاقل" و"العَقول" هو من يمنع نفسه عن قبيح القول والفعل.
وإذا احتمى المرء بملجأ أو حصن يمسك عنه الأذى ويمنعه منه، فإنه "مَعقِل" له، فالجامعة معقل العلم وبعض الأحياء معاقِل للصوص، وبعض المدن معاقل أقوام أو أحزاب بأعينها.
والمرأة الكريمة النفيسة: "عقيلة"، لأن قريناتها لا يبلغن مستواها، فكأنها منعتهن وعقلتهن عن ذلك. ولهذا يسمى كل نفيس كريم: عقيلة، فنقول: فلان عقيلة قومه، وعقائل الكلام: أحاسنه، وعقائل البحر: درره.
وتسمى الدية: "العقْل"، لأن ذوي القاتل كانوا يأتون بالإبل فيربطونها في فناء ولي المقتول، فضلا عن أنها تمسك الدم وتحبس عن الثأر. و"العاقلة" هم القوم الذين يقفون مع قاتل الخطأ ويساهمون في دفع الدية.
و"العقال" الرباط الذي يُعقَل به، أما "الاعتقال" و"المعتقل".. فنرجو ألا نعرفهما!
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ش ب ح
هل للأشباح أصل؟
وهل هناك علاقة بين الشبيحة وشبْح المعتقل لتعذيبه؟
الجذر (ش ب ح) يدل على معنى: امتداد الشيء في عِرَض.
لذلك تقول: شبَحتُ الشيء، أي: مددته. وإذا مددت رجليك بين شيئين، فقد شبحتهما. ويُقال: شبَحَ الحجيج أيديهم بالدعاء، أي: مدوها يدعون الله.
والشبْح معنى مشهور في الأنظمة المستبدة، حيث يُشبَح السجين لكي يُضرب أو يعذّب. وذلك من قديم، حتى إن أبا بكر رضي الله عنه مرَّ ببلال وقد شُبِح في الرمضاء ليُعذَّب.
والشبح -بفتح الباء أو تسكينها- ما بدا شخصه من الإنسان وغيره، أي ما تراه من سواد حين يظهر من بعيد، وسمي بذلك لأن له امتدادا وعرضا. ومنه جاءت فكرة "الأشباح" التي تعرض في الأفلام وتنسج عليها القصص.
وتقول: شبح الشيء أمامي، إذا ظهر وبدا.
أما الشبيحة فعصابات عدوانية معروفة في سوريا.
ورغم الاختلاف في سبب تسميتهم بالشبيحة -هل هي نسبة إلى سيارات المرسيدس الملقبة بـ"الشبح" المنتشرة بينهم، أو لأنهم يظهرون كالأشباح، أو لأنهم مشهورون بالشبْح في التعذيب، فإن الجميع متفقون على عدوانيتهم وإجرامهم.
وقانا الله وإياكم شرور كل مجرم.
#جذرـوكلمات
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ع ق د
لماذا تسمى الأفكار والتصورات التي نؤمن بها "عقيدة"، هل لأن الكلام عنها "معقّد"؟ وما العلاقة بين عِقد المرأة والنفاثات في العُقد؟
الجذر (ع ق د) يدل على معنى: الشد والإيثاق.
لذلك فإنك تعقد الحبل فتكوّن فيه "عُقدة"، وتعقد الأمل على شيء ما وتعلقه به. والمرأة تعقد حول عنقها الطوق أو القلادة وتسميه "العِقد".
ونحن نستعيذ بالله من شرّ "النفاثات في العُقَد"، وهنّ الساحرات اللاتي يعقدن سحرهن بالخيوط.
و"المعاقدة" هي: الميثاق والمعاهدة، لذلك يسمى توثيق الزواج والبيع والتوظيف وغيرها "العَقد"، ويدخل فيه ما يكون بين المؤسسات والدول من عهود وعقود، وقد أمر الله تعالى بالإيفاء بها جميعا، فقال: "يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود".
و"عقد اليمين": توكيدها، وهي غير يمين اللغو، فالله تعالى لا يؤاخذ باللغو في اليمين "ولكن يؤاخذكم بما عقّدّتم الأيمان".
والكلام "المعقّد" هو الذي يتكلف صاحبه في جعله غامضا، كأن لسانه "معقود"، فهو لا ينطق كلاما واضحا.
وإذا آمن المرء بجملة من المبادئ والأفكار والتصورات صارت "عقيدة" له، كأن قلبه انعقد عليها ولزمها.
و"العقيد" في أيامنا رتبة عسكرية، لكن العرب كانوا يسمون الحليف عقيدا (كأنه "معاقد").
وكما أن الحبال والخيوط تتشابك حتى تتكون فيها "العُقَد"، فإن النفوس أيضا تتكون فيها العُقَد، لكن عُقَد النفوس -نعوذ بالله منها- يصعب حلها.
#جذرـوكلمات
(ف ط ر)
لماذا تسمى وجبة الطعام الرئيسة في رمضان بـ"الإفطار"، مع أننا نتناولها بعد غروب الشمس؟!
وهل هناك علاقة بين تفطّر القدمين وانفطار السماء؟
الجذر (ف ط ر) يدل على معنى: الفتح والإبراز.
لذلك يسمى الشّق بـ"الفَطر"، وبهذا يكون قوله تعالى "إذا السماء انفطرت" مثل قوله: "إذا السماء انشقت".
وقد كانت قدما رسول الله صلى الله عليه وسلم تتفطران من قيام الليل، أي: تتشققان، ولما سئل عن ذلك قال: أفلا أحب أن أكون عبدا شكورا؟
أما طعام الفطر أو الإفطار، فسمى كذلك لأن الصائم يغلق فمه عن الأكل والشرب طيلة يوم الصوم، حتى إذا غربت الشمس فتح فمه فأكل وشرب. وللسبب نفسه سمي طعام الصباح "إفطارا" أيضا، لأنه أول ما يأكله المرء بعد النوم.
و"الفُطر" نوع من الكائنات الحية غير النبات والحيوان، ينفطر عنه الجسم الذي يكون عليه فيبرز منه، والفطريات أصناف كثيرة، منها ما يؤكل مثل عش الغراب الذي تنفطر عنه الأرض، ومنها العفن الذي يبرز على الطعام المتعفن، وغيرها.
ويسمى ابتداء الخلق واختراعه: "فطرة"، كأنه إبرازه للمرة الأولى، فالله تعالى "فاطر السماوات والأرض" أي خالقهما، وهو "الذي فطركم أول مرة". ومن ذلك "فطرة الله التي فطر الناس عليها"، أي: حالهم الأولى التي برزوا بها إلى الحياة.
لم يبق إلا أن نبارك لكم عيد الفطر، فتقبل الله منكم، وكل عام وأنتم بخير.
#جذرـوكلمات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فقد كان أصحاب الماشية يميزون بهائمهم بالوسم، فيكوُونها أو يقطعون أذنها، حتى تعرف وتتميز عن غيرها. ونحن اليوم نضع #الوسم في المنشور أو التغريدة علامة على موضوعها.
والصفة في الإنسان "سمة" يُعرَف بها، وإذا "توسمت" في المرء خيرا فقد رأيتَ علامته أو أثره فيه. وجرت العادة على أن المرء إذا تفوق على أقرانه أو قام بعمل مميز، كرّموه بـ"وسام" يكون علامة على تفوقه.
ويسمى مطر أول الربيع "الوسمي"، لأن أثره -وهو النبات- يظهر على الأرض.
والناس إذا أرادوا تمييز وقت ما بحدث معين قالوا إنه "موسم"، كأنه علامة عليه، مثل: موسم الحج وموسم الحصاد وموسم التنزيلات.