قراءة في أوراق المؤتمر العالمي الـ6 للعربية بماليزيا

انعقد في العاصمة الماليزيا كوالالمبور في شهر أكتوبر 2017 المؤتمر العالمي السادس للغة العربية بالجامعة الإسلامية العالمية، وقد صار هذا المؤتمر من المؤتمرات المهمة المعنية بتعليم العربية للناطقين بغيرها في العالم وذلك نظرا لعدة أسباب أهمها انتظام انعقاده كل عامين منذ المؤتمر الأول عام 2007 وثراء أوراقه وتنوع جنسيات الباحثين واهتماماتهم.. ويغطي المؤتمر مجالات العربية للناطقين بها وللناطقين بغيرها، وتتوزع أوراقه بين: الأدب واللسانيات والتعليم، وقد تم تقديم 55 ورقة في هذه الدورة على مدار ثلاث جلسات رئيسة وخمس جلسات متوازية.

أتناول في هذا المقال عرضا للأوراق المتعلقة بتعليم العربية للناطقين بغيرها ضمن سجل المؤتمر مع تقديري لجهود كافة باحثي المؤتمر.

يلاحظ أن الموضوعات التقنيّة احتلت مساحة من المؤتمرات، ومن الأوراق التي تناولت توظيف التقنية في التقويم البنائي ورقة قدمها عادل أبو الروس، والتقويم البنائي هو التقويم الذي يتم أثناء الحصة أو البرنامج للتأكد من تحقق أهداف التعليم، ويختلف عن التقويم النهائي الذي ينعقد في نهاية البرنامج. عرض عادل أبو الروس في ورقته أساليب التقويم البنائي وخصائص التغذية الراجعة ومميزات التعليم النقال وعددا من تطبيقات الهواتف الذكية التي يمكن استخدامها أثناء سير الدرس وتطبيقات تصحيح الاختبارات الموضوعية.

فطري نور العين نور الدين وآخرون بحثوا توظيف تقنية الواقع المعزز في تعليم اللغة العربية للناطقين بغيرها، وقد اقترحوا مجموعة من الخطوات الإجرائية لتوظيف الواقع المعزز وقدموا للأدوات المستخدمة في إنتاج مواده كما عرضوا نموذجا لتعليم الحروف عبر هذا الأسلوب في التعليم، وقائمة لما يمكن توظيف الواقع المعزز في تدريسه من موضوعات ومهارات لغوية.

الباحث مأمون التجاني الدالي درس "معوقات استخدام تكنولوجيا التعليم في تعليم اللغات الأجنبية من وجهة نظر المعلمين: استخدام الحاسوب أنموذجاً". ومن أهم النتائج التي توصل إلى أنها معوقات لاستخدام التقنية: الخوف من ارتياد مجالات التكنولوجيا، وضعف البنيات التكنولوجية والتجهيزات وارتفاع كلفتها، وعدم توفر الأجهزة التقنية لدى البعض، وقلة التدريب، وصعوبة الاستخدام، بالإضافة لأسباب إدارية وشخصية، وإحجام المعلم عن استخدام التكنولوجيا بسبب عدم المعرفة، وعدم إجادة الاستخدام.

 ومن التجارب الجديدة ورقة عبد البر تاج الدين ومحمد فهام غالب ورحمة عثمان حول تعليم الشعر الجاهلي لمتعلمي العربية باستخدام تطبيق "ديوان الشعر الإلكتروني" حيث عرض الباحثون دواعي وخطوات بناء وتجريب تطبيق للهواتف الذكية لتعليم قصائد العصر الجاهلي للمستوى المتقدم لمساعدة طلاب الجامعات والمدارس الثانوية والمعلمين غير الناطقين بالعربية وتحقيق متعة في دراسة هذا الموضوع الصعب.

محمد صلاح الدين بن جوسه ومحمد فهام غالب ورضوى أبو بكر قدموا خطة لبناء معايير تقويم للتطبيقات التعليمية العربية عبر الهواتف الذكية. وقد اقتصرت ورقتهم على خطة بناء المعايير والتحليل والتقنين إلا أنه من الواضح أن الخطة لم تنفذ بعد.

 من الأبعاد الجديدة في بحوث العربية للناطقين بغيرها الاهتمام بالتلاميذ ذوي الصعوبات في التعلم، حيث قدم صوفي بن مان ونور عيني بنت هاشم ورقة حول "تعليم اللغة العربية للتلاميذ ذوي الصعوبات في تعلم القراءة (الديسليكسيا)" بهدف الوقوف على حاجات هذه الفئة من التلاميذ المصابين بعسر القراءة وهي مشكلة شائعة عالميا، ومن خلال استبيان آراء التلاميذ وجد الباحثان أن التلاميذ يتعلمون بسهولة إذا قدمت الدروس باستخدام التكنولوجيا، كما وجدا أن هناك حاجة إلى مقرر يراعي احتياجاتهم الخاصة خاصةً أن يكون الكتاب ملونا وبصور ملونة.

الباحث صديق أحمد صديق قدم ورقة حول استخدام التدريس التبادلي في تنمية مهارات ما وراء المعرفة في القراءة للناطقين بغير اللغة العربية حيث استعرض إستراتيجيات التدريس التبادلي: التلخيص وتوليد الأسئلة والاستيضاح والتنبؤ، ثم قدم خطوات الدرس وفق تلك الإستراتيجيات.

ياسر بن إسماعيل في ورقته أكد على الفكرة القديمة الجديدة من أن متعلم العربية من الناطقين بغيرها لا يحتاج -خاصة في المراحل الأولى- إلى معرفة لهجات العرب ولا آراء النحاة في القضايا النحوية والصرفية، ولذا اقترح تلخيصا للقواعد ووزعها على المراحل التعليمية بما يضمن أن يتعلم الطالب دون الخوض في الخلافات النحوية، وقد جاءت ورقته تحت عنوان "ما يمكن تلخيصه من قواعد اللغة العربية للناشئين ولدارسي العربية من الناطقين بغيرها".

توفيق بن إسماعيل وآخرون قوَّمُوا أسئلة امتحانات مادة النحو والصرف في الشهادة الدينية العالية الماليزية على مدار ثلاث سنوات في ضوء مستويات بلوم المعرفية متبعين المنهج الوصفي التحليلي، وقد توصلت الدراسة إلى أن أسئلة الفهم احتلت النسبة الأعلى 42% من الأسئلة، تلتها أسئلة التذكر بنسبة 28% ثم أسئلة التحليل بنسبة 16% وجاءت في المرتبة الأخيرة أسئلة التطبيق بنسبة 14 %، ولم تسجل أسئلة لقياس مستويي التقويم والإبداع.

حسين محمد جميل وآخرون درسوا استخدام طلاب المستوى المتقدم للروابط الخاصة في التعبير الكتابي الجدلي وقد توصلت الدراسة إلى أن الطلاب يستخدمون نسبة محدودة من الروابط اللفظية لا تتجاوز نصف الموجود في المقرر التعليمي، إضافة إلى قلة اهتمام نصوص المواد التعليمية بالروابط اللفظية التي قد تكون منعدمة في المستوى المتوسط،  وتوصلوا أيضا لخلو كتاب المستوى المتقدم من التدريبات على الروابط اللفظية، ومن الإيجابيات أنهم وجدوا أن الطلاب يتقنون روابط التلخيص بشكل جيد.

 من الأوراق المهمة للباحثين والمشرفين ورقة ميكائيل إبراهيم التي تناول فيها "كتابة الدراسات السابقة في البحوث العربية: الواقع والتحديات والآمال" واستهدف فيها مناقشة طرق الباحثين مراجعة الدراسات السابقة وطريقتهم في كتابتها، كما تحدث عن القراءة الناقدة وأساليب القراءة الناجحة في مطالعة الأدبيات وكيفية تجنب الانتحال من الباحثين الآخرين.

من الموضوعات المهمة التي ذُكرت في جدول أعمال المؤتمر لكن لم تدون في سجل البحوث موضوع "تعزيز الجودة في تعليم اللغة العربية للناطقين بلغات أخرى في جنوب شرق آسيا" الذي قدمه أ.د عبد الرحمن شيك وهو أحد أعلام تعليم العربية في جنوب شرق آسيا. ونتمنى أن تنشر لجنة المؤتمر هذه المحاضرة في المستقبل القريبة لأهمية هذا الموضوع للمجال على المستوى العالمي ووجود تجارب صاعدة في تعليم العربية في مناطق عدة من العالم تحتاج لتعزيز جودتها.

مدونات الكاتب