أقام مركز رعاية اللغة التابع للجامعة الإسلامية الحكومية بكنداري في إندونيسيا ندوة محوسبة في تكنولوجيا تعليم اللغة العربية يوم الأحد 7 يونيو 2020م الموافق 15 شوال 1441هـ بحضور الباحثين الأستاذ الدكتور أزهر أرشد مؤسس ومدير جامعة بارا حكمة بسلاويسي الجنوبية والدكتور نصر الدين إدريس جوهر أستاذ اللغة العربية في الجامعة الإسلامية الحكومية سونان أمبيل بسورابايا. وشارك في هذه الندوة نخبة من أساتذة الجامعة ومعلمون من جامعات ومعاهد ومدارس مختلفة في إندونيسيا.
تحدث الأستاذ الدكتور أزهر أرشد في الجزء الأول من جلسة الندوة عن الجانب البشري من تكنولوجيا التعليم، وأكد أن المعلم هو المحور الرئيسي من تكنولوجيا التعليم التي اعتبرها نوعا من المهارة. وتكنولوجيا التعليم بكونها مهارة لا يمتلكها المعلم إلا من خلال الدراسة والملاحظات والخبرات. أما الدراسة فيكسب من خلالها المعلم معرفة نظرية حول المواد التعليمية وطرائق ووسائل تعليمها وإدارتها وتقويمه، وأما الملاحظات فيكسب منها المواقف والوقائع التعليمية التي يمكن أن يطبق فيها ما يلمّ به من النظريات التعليمية، وأما الخبرات فيتعلم منها كيف يتعامل مع الحالات التعليمية المختلفة وإدارة إجراءاتها والتغلب على مشكلاتها.
وقال إن تكنولوجيا التعليم التي يكون محورها المعلم لها بعد نفسي بحيث إن المعلم يمكن أن ينقل من خلالها روح التعليم والتعلم إلى المتعلمين لتقودهم إلى الاتجاهات الإيجابية نحو اللغة العربية وتكوّن فيهم دافعية قوية لتعلمها ودراستها. لذلك فعلى معلمي اللغة العربية أن يحسنوا استغلال تكنولوجيا التعليم لأجل تحقيق المهام المتعددة الأبعاد التي لا تركز فقط على مادية التعليم بل على نفسيته وروحانيته أيضا.
ودعا الدكتور أرشد معلمي اللغة العربية في إندونيسيا إلى توظيف تكنولوجيا التعليم لتغيير اتجاهات تعليم اللغة العربية نحو الأفضل. وذلك بأن يجعلوا تكنولوجيا التعليم أهم نقطة للتمييز بين تعليم اللغة العربية في ضوء المنهج المعاصر وبين تعليمها على المنهج التقليدي. وذكّرهم بأنهم يعاصرون الآن ما يطلق عليه عصر الثورة الصناعية ولا بد من التكيف مع سمات التعليم في هذا العصر ومواكبة ما جاء به من التطورات التعليمية. وحذّرهم من تعليم اللغة العربية بنفس الطريقة التي تعلموها بها في السابق، لأن الزمن قد تغير وتطلبات تعليم اللغة العربية واتجاهاته قد تطورت.
وفي الجزء الثاني من جلسة الندوة تحدث الدكتور نصر الدين إدريس جوهر عن أهمية تكنولوجيا تعليم اللغة العربية وخطوات تطبيقها الإجرائية. وأكد في بداية طرحه أن تعليم اللغة العربية يحتاج إلى تكنولوجيا التعليم لثلاث أهميات هي الأهمية التعليمية والأهمية الاتجاهية والأهمية النفسية. أما الأهمية التعليمية فتعني أن تعليم اللغة العربية –شأن تعليم أي لغة أجنبية- يحتاج إلى التكنولوجيا ليكون فعالا وليتخطى ما يتعرض له من المشكلات في منهج تعليمها التقليدي، وأما الأهمية الاتجاهية فتعني أن تعليم اللغة العربية يحتاج إلى تكنولوجيا التعليم ليواكب التطورات المستجدة في مجال تعليم اللغات الأجنبية ويستوعب ملامحها ويتسم بسماتها، وأما الأهمية النفسية فهي تعني أن تعليم اللغة العربية يحتاج إلى تكنولوجيا التعليم ليكوّن اتجاهات إيجابية تجاه اللغة العربية تزيد رغبة أبناء اللغات الأخرى ودافعيتهم في تعليمها وتعلمها.
وبيّن أن تكنولوجيا تعليم اللغة العربية تبنى على ثلاثة عناصر هي الكفاءة التكنولوجية والكفاءة التعليمية والكفاءة في المحتوى التعليمي. أما الكفاءة التكنولوجية فهي معرفة المعلم بالوسائل والتطبيقات التكنولوجية ووظائفها وفوائدها وطريقة الاستفادة منها والاستعانة بها، وأما الكفاءة التعليمية فهي معرفة المعلم بعناصر التعليم وعملياته وخصائصه وإدارته وتفعيله وتحقيق أهدافه، وأما الكفاءة في المحتوى التعليمي فهي معرفة المعلم بالمواد التعليمية وخصائصها ومجالاتها وموضوعاتها.
وإذا أراد معلم اللغة العربية أن يصمم ويطور تكنولوجيا التعليم الفعال فعليه أن يمتلك هذه العناصر الثلاثة ويحسن ربط بعضها ببعض ليكون بينها انسجام وتآزر.
وقدم الدكتور نصر الدين الخطوات الإجرائية التي يمكن أن يسير عليها المعلمون في تصميم وتطوير تكنولوجيا تعليم اللغة العربية الفعال، فوضع ثلاثة أسئلة يمكن أن ينطلقوا منها وهي:
(1) ما هي المادة التي أعلم؟
(2) ما هو الموقف التعليمي الذي أعلم فيه هذه المادة
(3) ما هي التطبيقات التكنولوجية التي يمكن أن أستعين بها في تعليم هذه المادة؟
فإذا كانت المادة التي يعلمها هي مثلا مهارة الكلام، والموقف التعليمي الذي يعلمها فيه هو مثلا تعليم المبتدئين، والتطبيق التكنولوجي الذي يستعين به في تعليمها هو مثلا الفيديو فالتكنولوجيا التعليمية التي يصممها هي "تعليم مهارة الكلام للمبتدئين باستخدام الفيديو". وباستغلال الكفاءات الثلاث التي يمتلكها –الكفاءة التكنولوجية والتعليمية وكفاءة المحتوى- يجيب المعلم عن تلك الأسئلة الثلاثة ليخرج بتصميم تعليم مهارة الكلام المناسب لخصائص المبتدئين مستعينًا بالفيديو الذي يراعي إعداده طبيعة مهارة الكلام وطبيعة متعلميها المبتدئين.
هذه الندوة هي الثالثة من سلسلة الندوات التي ينسقها المركز حول تعلم اللغة المحوسب على المستوى الجامعي، وقد شهدت مشاركة كبيرة من قبل العاملين في مجال تعليم اللغة العربية بإندونيسيا؛ حيث شارك فيها أكثر من خمسمئة مشارك.