تدريس المفردات لغير الناطقين بالعربية

الدكتور أحمد حسـن

أستاذ اللغة العربية المساعد بجامعة بورصا ألوداغ التركية

نتحدث في هذا المقال* عن تدريس المفردات اللغوية، وسوف أصوغ هذا المقال على شكل سؤال وجواب حتى يتسنَّى للقارئ التفاعل مع المادة المقروءة.

السؤال الأول: ما المقصود بالمفردات اللغوية؟

المفردات اللغوية عنصر رئيس من عناصر اللغة، وسبب أساسي في النمو اللغوي للطالب في المهارات اللغوية. وتنقسم المفردات إلى قسمين:

الأول: كلمات مفردة ذات معنى تام، تتضمن الأسماء والأفعال والظروف والضمائر مثل: (قلم، شرب، أمام، وقت، هو إلخ)، ولا يندرج تحت الأسماء ما دل على أسماء الأشخاص والدول والأطعمة مثل: (محمود، سارة، إسبانيا، بيتزا...).

 الثاني: تعبيرات اصطلاحية، وهي "مجموعة كلمات تُكوِّن بمجموعها دلالة غير الدلالة المعجمية لها في الأصل مفردة ومركبة، وهذه الدلالة تأتيها من اتفاق جماعة لغوية على مفهوم تحمله لهذا التجمع اللفظي". ويعد مصطلح "تعبيرات اصطلاحية" واحدا من المصطلحات التي استخدمها الباحثون للتعبير عن فكرة التلازم اللفظي، واستخدموا –أيضا- مصطلح "متلازمات لفظية"، و"تعابير سياقية"، و"المصاحبات"، و"مسكوكات"، و"تعابير ثابتة"... إلخ. وإذا كانت اللغات الأوربية قد اتفقت على بعض المصطلحات، فإن اللغة العربية لا يزال ينقصها هذا الاتفاق، وذلك بسبب عدم وضوح الرؤية بالنسبة لمفهوم المصطلح من جهة، ولاختلاف الترجمات من جهة ثانية،إضافة إلى انصراف الباحثين المعاصرين عن تأصيل تلك المصطلحات من جهة ثالثة.

  تُصنف التعبيرات الاصطلاحية إلى صنفين؛ تقسيمات نحوية، وعلاقلات أسلوبية ومجازية، كالآتي:

أ- التقسيمات النحوية:

1. المركب الإضافي: ويتكون من مضاف ومضاف إليه، مثل: جلد الذات، نبض الشارع، زئير الأسد.

2. المركب الوصفي: ويتكون من موصوف وصفة، مثل: أبيض ناصع، جيش عرمرم، روح رياضية.

3. المركب الفعلي: ويتكون من فعل وفاعل، مثل: رغب في، رغب عن، يعطي الضوء الأخضر، يرفع الراية البيضاء، حللت أهلا.

4. المركب الاسمي: ويتكون من مبتدأ وخبر، مثل: السلام عليكم، الخروج من عنق الزجاجة.

5. المركب العباري: ويتكون من شبه الجملة، مثل: في الوقت الضائع، بلا شك، اللعب بالنار.

ب- العلاقات الأسلوبية والمجازية:

1- العلاقات المجازية مثل: زرع الألغام، اختناقات مرورية، الانفجار السكاني.

2- أسلوب الكناية: مثل: أم الدنيا، غصن الزيتون، نظيف اليد.

السؤال الثاني: متى نتأكد أن الطالب تعلم المفردة؟

عندما ينطق حروفها ويفهم معناها ويستطيع الاشتقاق منها ويضعها في سياق صحيح، ويفهمها استماعا وقراءة، وينتجها تحدثا وكتابة، والمعيار الأهم -زميلي المعلم- أن يضع الطالب المفردة في سياقات عديدة توضح فهمه لها، ولمزيد من التأكد اختر ثلاثة طلاب لينتج كلٌّ منهم جملة جديدة مستخدمًا هذه المفردة.

السؤال الثالث: كم عدد المفردات اللازمة لإتقان اللغة العربية؟ وكم عدد مفردات الدرس الواحد؟

- تفاوتت الدراسات في تحديد عدد الكلمات التي يجب أن يحصلها الطالب، حيث أشارت إحدى الدراسات إلى أن عدد مفردات المستوى المبتدئ بشقيه معًا (A1-A2) هو 1000 مفردة، وأشارت دراسة أخرى إلى أن العدد الذي ينبغي أن يحصله متعلم العربية لبلوغ مستوى متقدم من الكفاءة والطلاقة هو ما بين 3000 و3500 مفردة،بينما أشار طعيمة إلى أن القدر المناسب هو من 750 إلى 1000 كلمة للمستوى المبتدئ، ومن 1000 إلى 1500 للمستوى المتوسط، ومن1500 إلى 2000 للمستوى المتقدم. ونفهم مما سبق أن عدد المفردات يزيد مع تقدم الطالب في الدراسة عبر المستويات، وأن الأمر نسبيّ بحسب استيعاب الطالب وقدراته، والأصل ليس الكمّ الذي يدرسه الطالب، بل مدى تفعيل المفردات وتدويرها في سياقات كثيرة ومتنوعة.

- لا توجد دراسات ميدانية -في حدود علمي- حددت بدقة عدد المفردات التي يستطيع الدارسون استيعابها في الدرس الواحد، إلا أن طعيمة أشار إلى أن طاقة الصغار (10-11 سنة) تصل إلى 8 مفردات جديدة في الدرس الواحد، بينما يستطيع الكبار استيعاب 30 مفردة جديدة في  الدرس الواحد. ولكن في حدود خبرتي مع جنسيات متعددة ومناهج مختلفة فإن متوسط عدد المفردات التي يستطيع الطالب أن يستوعبها يوميا 10 مفردات، ويختلف الأمر مع فئات الدارسين، فالطلاب السريعو التعلم يمكن أن يزيد عدد المفردات المقدَّمة لهم، بينما يقل عددها مع كبار السنّ والأطفال.

- يجب أن تكون حصيلة الإنتاج اللغوي من المفردات أكثر من حصيلة المدخلات، فالأفضل أن يتعلم الطالب 10 مفردات في الدرس وينتج 20 جملة جديدة، مع التركيز على تدوير تلك المفردات وتكرارها في المهارات اللغوية، بحيث يجدها الطالب في نص الاستماع، والنص القرائي، ويستعملها في إنتاج محادثة، ويكتبها في جمل من إنشائه أثناء مهارة الكتابة، كما يجب أن يتوالى تكرارها في التدريبات والدروس اللاحقة بقدر معين.

السؤال الرابع: كيف تقدم المفردات في الكتب التعليمية؟

- بعض السلاسل تُصّدِّر دروسها بمجموعة المفردات التي سترد في النص، انطلاقا من فكرة أن الانتهاء من فهم المفردات قبل الدرس سيساعد الدارسين على فهم النص مسموعا أو مقروءا، ثم تأتي التدريبات التي تقيس فهم النص والمفردات معًا. وهناك اتجاه آخر يعتمد على تقديم النص أولا (مقروءا أو مسموعا) ثم يليه عرض المفردات التي وردت فيه؛ انطلاقا من ضرورة تدريب الطالب على تخمين معاني المفردات من خلال السياق. ولكل اتجاه مزاياه وعيوبه، ولكن الأمر في الأخير يعود إلى طبيعة السلسلة التعليمية التي يقوم المعلم بتدريسها، وعليه فأنت مضطرّ إلى تطبيقها بطريقتها المعروضة.

- إن تقديم المفردات -من وجهة نظري- في بداية الدرس أفيد للطالب وللنص؛ حيث يبدأ الطالب تعرّف معاني المفردات قبل الدرس، ثم يأتي إلى الصف ليستخدمها في سياقات متعددة تحت إشراف المعلم، وبالنسبة للنص فإن الطالب سيركز على فهمه من خلال مستويات الفهم كالاستنتاج والنقد والتذوق والإبداع، متجاوزا مستوى الفهم الحرفي للمفردات، ويُستثنى من ذلك تدريب الطلاب على مهارة تخمين معاني المفردات، فحينئذ لا نقدم المفردات في بداية الدرس.

- في المستوى المبتدئ تُقدم المفردات الحسية التي تدور في فلك الحياة اليومية، مثل المفردات المتعلقة بالتعارف والأطعمة ووسائل المواصلات والأدوات والألوان... إلخ. وتُقدم المفردات المجردة في المستويات التالية؛ كالمفردات المتعلقة بالوصف والمعاني الفلسفية والحضارية والموضوعات المتخصصة... إلخ.

مقالات أخرى للكاتب

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

* هذا المقال مقتبس من كتاب الأساس في أساليب تدريس المهارات اللغوية لغير الناطقين بالعربية (أحمد حسن محمد علي. (2021). ط1. أنقرة، دار سون تشاك، ص ص18- 24).