لغة عامة | المتوسط الأعلى
وصل جحا إلى معسكر تيمور لنك، وهو يقود خمسة من حميره، فأوقفه الجنود وسألوه: من أنت؟
فأجابهم: أيها الحمقى ألا تعرفون جحا؛ حكيم الحمقى وأحمق الحكماء؟!
قالوا: وماذا تريد؟
قال: أريد رؤية تيمور لنك؛ فأنا آخر من بقي من علماء المملكة!
قالوا: فما هذه الحمير؟
قال: هؤلاء كانوا حراسا للسلطان السابق ثم أصبحوا حميرا كما ترون، وقد جاؤوا لمقابلة السلطان!
قالوا: فإن السلطان نائم الآن!
فقال جحا: ما هذا؟ السلطان نائم والقاضي نائم والشرطي نائم!
وبعد لحظات بدأت حمير جحا تنهق نهيقا عاليا، فاستيقظ تيمور لنك فزعا، وأخذ سيفه
وخرج يبحث عن مصدر ذلك الصوت المزعج!
وفوجئ جحا بتيمور لنك يحمل سيفه، ويسأله بعنف:
ويحك! ما هذا الصوت الذي أيقظني؟
فقال جحا: هؤلاء علماء حمير المملكة جاؤوا لتحيتك ومبايعتك، ولم يعلموا أنك نائم!
قال تيمور: فمن أنت؟
قال جحا: أنا جحا آخر من بقي من علماء المملكة!
ثم بدأت الحمير في النهيق، فزجرها جحا وشتمها!
فقال له تيمور: ماذا تقول للحمير؟
قال جحا: كنت أشكرهم على تحيتهم للسلطان!
قال تيمور: وهل تعرف لغة الحيوان؟
قال جحا: أنا متخصص في لغة الحمير فقط!
وبعد نقاش وأخذ ورد... قال تيمور لجحا: كم أساوي من المال في رأيك؟
فقال جحا: لا أظنك تساوي أقل من ألف دينار!
فضحك تيمور حتى استلقى على ظهره، وقال يا أحمق: ملابسي وحدها تساوي ألف دينار!
فقال جحا: صدق ظني؛ ما نظرت في تقدير ثمنك إلا إلى هذه الملابس!
المصدر:
جحا والسلطان بقلم أحمد بهجت (دار الشروق)
ص 1-11 (بتصرف).
وَصَلَ جُحَا إِلَى مُعَسْكَرِ تَيْمُور لَنك، وَهُوَ يَقْوَدُ خَمْسَةً مِنْ حَمِيرِهِ، فَأَوْقَفَهُ الْجُنُودُ وَسَأَلُوهُ: مِنْ أَنْتَ؟
فَأَجَابَهُمْ: أَيُّهَا الْحَمْقَى أَلَا تَعْرِفُونَ جُحَا؛ حَكِيمَ الْحَمْقَى وَأحْمَقَ الْحُكَمَاءِ؟!
قَالُوا: وَمَاذَا تُرِيدُ؟
قَالَ: أُرِيدُ رُؤْيَةَ تَيْمُور لَنْك؛ فَأَنَا آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنْ عُلَمَاءِ الْمَمْلَكَةِ!
قَالُوا: فَمَا هَذِهِ الْحَمِيرُ؟
قَالَ: هَؤُلَاءِ كَانُوا حُرّاسًا لِلسُّلْطَانِ السَّابِقِ ثُمَّ أَصْبَحُوا حَمِيرًا كَمَا تَرَوْنَ، وَقَدْ جَاؤُوا لِمُقَابَلَةِ السُّلْطَانِ!
قَالُوا: فَإِنَّ السُّلْطَانَ نَائِمٌ الْآنَ!
فَقَالَ جُحَا: مَا هَذَا؟ السُّلْطَانُ نَائِمٌ وَالْقَاضِي نَائِمٌ وَالشُّرْطِيُّ نَائِمٌ!
وَبَعْدَ لَحَظَاتٍ بَدَأَتْ حَمِيرُ جُحَا تَنْهَقُ نَهِيقًا عَالِيًا، فَاسْتَيْقَظَ تيمور لنك فَزِعًا، وَأَخَذَ سَيْفَهُ
وَخَرَجَ يَبْحَثُ عَنْ مَصْدَرِ ذَلِكَ الصَّوْتِ المُزْعِجِ!
وَفُوجِئَ جُحَا بِتَيمُور لنك يَحْمِلُ سَيْفَهُ، وَيَسْأَلُهُ بِعُنْفٍ:
وَيْحَكَ! مَا هَذَا الصَّوْتُ الَّذِي أَيْقَظَنِي؟
فَقَالَ جُحَا: هَؤُلَاءِ عُلَمَاءُ حَمِيرِ المَمْلَكَةِ جَاؤُوا لِتَحِيَّتِكَ وَمُبَايَعَتِكِ، وَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّكَ نَائِمٌ!
قَالَ تَيْمُور: فَمَنْ أَنْتَ؟
قَالَ جُحَا: أَنَا جُحَا آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنْ عُلَمَاءِ المَمْلَكَةِ!
ثُمَّ بَدَأَتِ الْحَمِيرُ فِي النَّهِيقِ، فَزَجَرَهَا جُحَا وَشَتَمَهَا!
فَقَالَ لَهُ تَيْمُور: مَاذَا تَقَولُ لِلْحَمِيرِ؟
قَالَ جُحَا: كُنْتُ أَشَكُرُهُمْ عَلَى تَحِيَّتِهِمْ لِلسُّلْطَانِ!
قَالَ تَيْمُور: وَهَلْ تَعْرِفُ لُغَةَ الْحَيَوَانِ؟
قَالَ جُحَا: أَنَا مُتَخَصِّصٌ فِي لُغَةِ الْحَمِيرِ فَقَطْ!
وَبَعْدَ نِقَاشٍ وَأَخْذٍ وَرَدٍّ... قَالَ تَيْمُور لِجُحَا: كَمْ أُسَاوِي مِنَ الْمَالِ فِي رَأْيِكَ؟
فقَالَ جُحَا: لَا أَظُنُّكَ تُسَاوِي أَقَلَّ مَنْ ألْفِ دِينَارٍ!
فَضَحِكَ تَيْمُور حَتَّى اسْتَلْقَى عَلَى ظَهْرِهِ، وَقَالَ يَا أحْمَقُ: مَلَاَبِسِي وَحْدَهَا تُسَاوِي ألْفَ دِينَارٍ!
فَقَالَ جُحَا: صَدَقَ ظَنِّي؛ مَا نَظَرَتُ فِي تَقْديرِ ثَمَنِكَ إِلَّا إِلَى هَذِهِ الْمَلابِسِ!
المصدر:
جحا والسلطان بقلم أحمد بهجت (دار الشروق)
ص 1-11 (بتصرف).