خزانة النصوص/ معلقة زهير بن أبي سلمى

لغة عامة | المتقدم الأعلى
 
اضغط على زر الصوت للاستماع للقصيدة.
 
أَمِنْ أُمِّ أَوْفَى دِمْنَةٌ لَمْ تَكَلَّــــــــمِ * بِحَوْمَانِةِ الدَّرَّاجِ فَالْـمُتَثَلَّـــــــــــمِ
ودَار لَها بِالرَّقْمتَيْنِ كَأنَّهــــــــا * مَراجيِعُ وَشْمٍ في نَواشِرِ مِعْصَــمِ
بِها العِيِنُ والآرامُ يَمْشيِنَ خِلْفَةً * وأَطْلاؤُها يَنْهَضْنَ مِنْ كُلِّ مَجْثَــمِ
وَقَفْتُ بِها مِنْ بَعْدِ عِشْرينَ حِجَّةً * فَلَأْيًا عَرَفْتُ الدَّارَ بَعْدَ تَوَهُّــــــمِ
أَثَافِيَّ سُفْعًا في مُعَرَّسِ مِرْجَـــلٍ * ونُؤْيًا كَجِذْمِ الحَوْضِ لَمْ يَتَثَلَّـــــمِ
فَلَمَّا عَرَفْتُ الدّارَ قُلْتُ لِرَبْعِهـــا * أَلَا انْعَمْ صَباحًا أيُّها الرَّبْعُ واسْلَمِ
تَبَصَّرْ خَلِيلِي هَلْ تَرَى مِنْ ظَعائِنٍ * تَحَمَّلْنَ بِالْعَلْياءِ مِنْ فَوْقِ جُرْثُمِ
جَعَلْنَ القَنَانَ عَنْ يَمِينٍ وحَزْنَـــــهُ *  وكَمْ بِالقَنَانِ مِنْ مُحِلٍّ ومُحْرِمِ
بَكَرْنَ بُكُورًا واسْتَحَرْنَ بِسُحْــــرَةٍ * فَهُنَّ وَوادِي الرَّسِّ كَالْيَدِ لِلْفَــمِ
كَأنَّ فُتاتَ العِهْنِ في كُلِّ مَنْـــــزِلٍ * نَزلْنَ بِه حَبُّ الفَنَا لَمْ يُحَطَّــــمِ
فَلَمَّا وَرَدْنَ الماءَ زُرْقًا جِمامُــهُ * وَضَعْنَ عِصِيَّ الحَاضِرِ الـمُتَخَيِّمِ
فَأَقْسَمْتُ بِالْبَيْتِ الَّذِي طَافَ حَوْلَهُ * رِجالٌ بَنَوْهُ مِنْ قُريشٍ وجُرْهُـمِ
يَمِينًا لَنِعْمَ السَّيِّدانِ وُجِدْتُمَــــــــا * عَلَى كُلِّ حَالٍ مِنْ سَحِيلٍ ومُبْـرَمِ
تَدارَكْتُمَا عَبْسًا وذُبْيَانَ بَعْدَمَــــا * تَفَانَوْا ودَقُّوا بَيْنَهُمْ عِطْرَ مَنْشِــــمِ
وقَدْ قُلْتُمَا إنْ نُدْرِكِ السِّلْمَ واسِعًا * بِمَالٍ ومَعْرُوفٍ مِنَ القَوْلِ نَسْلَــمِ
فأَصْبَحْتُمَا مِنْها عَلَى خَيْرِ مَوْطِنٍ * بَعِيدَيْنِ فِيها مِنْ عُقُوقٍ ومَأْثَـــمِ
تَعَفَّى الكُلُومُ بِالْـمِئِيِنَ فَأَصْبَحَــتْ * يُنَجِّمُهَا مَنْ لَيْسَ فِيها بِمُجْــــرِمِ
فأَصْبَحَ يَجْرِيِ فِيهِمُ مِنْ تِلادِكُــمْ * مَغَانِمُ شَتَّى مِنْ إِفَالِ الـمُزَنَّـــــمِ
أَلَا أَبْلِغِ الأَحْلافَ عَنِّيِ رِسالَــــةً * وذُبْيَانَ، هَلْ أَقْسَمْتُمُ كُلَّ مُقْسَـمِ؟
فَلا تَكْتُمُنَّ اللهَ ما في نفوسِكُـــــمْ * لِيَخْفَى، ومَهْمَا يُكْتَمِ اللهُ يَعْلَــــمِ
يُؤَخَّرْ فَيوضَعْ في كِتابٍ فَيُدَّخَـرْ * لِيَوْمِ الحِسابِ أوْ يُعَجَّلْ فَيُنْقَـــمِ
وما الحَرْبُ إلَّا مَا علِمْتُمْ وذُقْتُمُ * ومَا هُوَ عَنْها بِالْحَدِيثِ الـمُرَجَّمِ
مَتَى تَبْعَثُوها تَبْعَثُوها ذَمِيمَــــةً * وتَضْرَ إذَا ضَرَّيْتُمُوها فَتَضْـرَمِ
فَتَعْرُكْكُمُ عَرْكَ الرَّحَى بِثِفَالِهـا * وتَلْقَحْ كِشَافًا ثُمَّ تُنْتَجْ فَتُتْئِـــــــــمِ
فَتُنْتَجْ لَكُمْ غِلْمَانَ أَشْأَمَ، كُلُّهُـــمْ * كَأَحْمَرِ عَادٍ، ثم تُرْضِعْ فَتَفْطِـــمِ
فَتُغْلِلْ لَكُمْ ما لا تُغِلُّ لِأَهلِهــــا * قُرًى بِالْعراقِ مِنْ قَفِيزٍ ودِرْهَـــمِ
سَئِمْتُ تَكالِيفَ الحَياةِ وَمَنْ يَعِشْ * ثَمانينَ حَوْلًا لَا أَبَالَكَ يَسْـــــأَمِ
وأَعْلَمُ ما فِي اليَوْمِ والأَمْسِ قَبْلَهُ * ولَكِنَّنِي عَنْ عِلْمِ ما فِي غَدٍ عَمِ
رَأَيْتُ المَنايَا خَبْطَ عَشْواءَ مَنْ تُصِبْ * تُمِتْهُ ومَنْ تُخْطِئْ يُعَمَّرْ فَيَهْرَمِ
ومَنْ لَمْ يُصَانِعْ فِي أمُورٍ كَثِيرَةٍ * يُضَرَّسْ بِأَنْيابٍ ويُوطَأْ بِمَنْسِــمِ
ومَنْ يَجْعَلِ الـمَعْرُوفَ مِنْ دُونِ عِرْضِهِ * يَفِرْهُ، ومَنْ لا يَتَّقِ الشَّتْمَ يُشْتَمِ
ومَنْ يَكُ ذا فَضْلٍ فَيَبْخَلْ بِفَضْلِهِ * عَلَى قَوْمِهِ، يُسْتَغْنَ عَنْهُ ويُذْمَمِ
ومَنْ يُوفِ لا يُذْمَمْ، ومَنْ يُهْدَ قَلْبُهُ * إلَى مُطْمَئِنِّ الْبِرِّ لا يَتَجَمْجَـمِ
ومَنْ هَابَ أَسْبابَ المَنايَا يَنَلْنَــــــهُ * وإنْ يَرْقَ أسْبابَ السَّماءِ بِسُلَّمِ
ومَنْ يَجْعَلِ المَعْرُوفَ فِي غَيْرِ أَهْلِهِ * يَكُنْ حَمْدُهُ ذمًّا عَلَيْهِ ويَنْدَمِ
ومَنْ يَعْصِ أَطْرافَ الزِّجَاجِ فإنَّهُ * يُطِيعُ العَوالِي رُكِّبَتْ كُلَّ لَهْذَمِ
ومَنْ لَمْ يَذُدْ عَنْ حَوْضِهِ بِسِلاحِهِ * يُهَدَّمْ، ومَنْ لا يَظْلِمِ الناسَ يُظْلَمِ
ومَنْ يَغْتَرِبْ يَحْسَبْ عَدُوًّا صَديقَهُ * ومَنْ لَمْ يُكَرِّمْ نفسَهُ لَمْ يُكَـــرَّمِ
ومَهْمَا تَكُنْ عِنْدَ امْرِئٍ مِنْ خَليِقَةٍ * وإنْ خَالَها تَخْفَى عَنِ النّاسِ تُعْلَمِ
وكَائِنْ تَرَى مِنْ صَامِتٍ لَكَ مُعْجِبٍ * زِيادَتُهُ أو نَقْصُهُ في التَّكَلُّـــــمِ
لِسانُ الفَتَى نِصفٌ ونِصفٌ فُؤَادُهُ * فَلَمْ يَبْقَ إلَّا صُورَةُ اللَّحْمِ والــدَّمِ
وإنَّ سِفاهَ الشَّيْخِ لا حِلْمَ بَعْــــــدَهُ * وإنَّ الفَتَى بَعْدَ السَّفَاهَةِ يَحْلُــــــمِ
سَأَلْنَا فَأَعْطَيْتُمْ وعُدْنا فَعُدْتُـــــــمُ * ومَنْ أَكْثَرَ التَّسْآلَ يومًا سَيُحْـــرَمِ
 
المصدر:
هذا النص مختارات من معلقة زهير أوردها الأستاذ عارف حجاوي في كتابه:
أول الشعر ص: 37

وقد قابلنا هذه المختارات بنص المعلقة في ديوان زهير بشرح الأعلم، واحتفظنا برواية "أول الشعر" ليوافق النص المكتوب التسجيل الصوتي.   

شعر زهير بن أبي سلمى

صنعة الأعلم الشنتمري

تحقيق فخر الدين قباوة

منشورات دار الآفاق الجديدة

الطبعة الثالثة 1400هـ - 1980م

ص: 9.

يمكنكم الاطلاع على دراسة لمقطع الحكمة من معلقة زهير في هذا الدرس.