مع تجاوز المجتمع التعليميّ لصدمة التحول المفاجئ من التعليم التقليديّ إلى التعليم الإلكتروني وجد الجميع أنفسهم أمام تحدٍّ جديد هو "تقييم الطلاب"، وبدأت بعض الجهات -في ظل ضبابية الرؤية- تؤجِّل الاختبارات إلى حين، وأخرى تلغيها وتستعين بالتقويم البديل، وثالثة تخطط لإجراء الاختبارات في مواعيدها؛ وهذه في الأغلب هي المؤسسات التي يقوم عليها أشخاص مطلعون على التقانات الحديثة فيقرِّرون التحوّل إلى الاختبارات المحوسبة المراقبة إلكترونيا دون انتظار المجهول.
يهدف هذا المقال الموجَز إلى تعريف الراغبين في اختبار طلابهم عبر الإنترنت بكيفية إجراء ذلك، وقد اعتمدتُ فيه على تعريفات الشركات التي توفر -تقنيًّا- هذا النوع من الاختبارات أكثر من اعتمادي على المقالات الأكاديمية، كما تجنبتُ ذكر أسماء الشركات حتى لا يكون المقال دعائيا، غير أني وضعتُ بعض الكلمات المِفتاحية في نهاية المقال كي يتيسر للراغب في الاستزادة أن يبحث بها. ولأن التنقية تتطورا يوميا فمن الضروري أن نقول إن هذا المقال منشور في نهاية إبريل نيسان 2020م.
تعريفُ الاختبار المُراقَب إلكترونيًّا عبرَ الإنترنت:
هو اختبار يجلس فيه المُمْتَحَن في أيّ مكانٍ يريده، بشرط أن يكون لديه جهاز حاسوبي أو لوحي أو هاتف مزود بكاميرا ومتصل بالإنترنت، وتراقبه الجهة المنظِّمةُ للامتحان إلكترونيًّا عبر تطبيق خاصّ.
أنماط المراقبة:
هناك نمطان شائعان:
النمط الأول: المراقَبة البشريّة عبر الإنترنت:
وهي تشبه المراقبة الحقيقية في لجان مراكز الاختبارات، أي أن المُمْتَحَن يجلس أمام كاميرا الحاسوب، والمراقِب يتابع المُمْتَحَن من خلال الصورة الحيَّة التي ترسلها كاميرا حاسوب الأخير عبر الإنترنت.
النمط الثّاني: المراقَبة الإلكترونيّة التامَّة:
وهذا النمط لا يوجد فيه تدخل بشري، بل يعمل تطبيق المراقبة عبر تقنية الذكاء الصناعي لتتبع حركات المُمْتَحَن، وتسجيل كلِّ تصرفاته وحفظِها وإرسال تقرير بها إلى الجِهة المُنَظِّمَة للامتحان لاتخاذ القرار المناسب.
مَهامُّ المراقِب الإلكترونيّ:
- الاستيثاقُ من هُوية الممتحَن وأنّه هو الشخص المسجّل للامتحان.
- التأكُّد من عدم استعمال الطالب لأيّ مواقع على الإنترنت أو أيّ تطبيقات حاسوبية خلال وقت الامتحان.
- الإبلاغُ عن أيّ محاولات للغشّ باستخدام أجهزة أو عبر أشخاص آخرين.
خُطواتُ المراقبَة الإلكترونيّة:
قبلَ بدء الامتحان لا بُدَّ من التأكُّد مما يلي:
- التثبُّت من هُوية الممتحَن عبر الوسائل التالية:
- مسح الهُويّة: ويمكن تقديم هُويّة حكومية كجواز السفر أو بطاقة الممتحَن الوطنية أو بطاقة المؤسسة التعليمية.
- مسح الوجه عبر النظر للكاميرا حيثُ يقوم تطبيق المراقبة بتصوير الممتحَن ومقارنته بالمعلومات الموجودة في نظام الامتحان.
- تحفظ هذه المعلومات في ملف باسم "القياسات الحيوية للممتحَن".
- إغلاق جميع البرامج المفتوحة على الحاسوب، عدا البرامج المطلوبة لتشغيل الاختبار كالمتصفح ونظام تشغيل الحاسوب.
- مسح مكان جلوس الممتَحَن بالكاميرا ببطء؛ ذلك عبر مرآة أو كاميرا هاتف أو كاميرا حاسوب الممتَحَن لتسمحَ للمراقِب أن يرى كلَّ ما يحيط بالممتَحَن: الحوائط، والمقعد، والطاولة، والأرضيات.
- يُفضَّل أن يكون الممتحن في بيت، ويجب أن يكون وحدَه في الغرفة، ولا يسمَح بأن يكون في مكان خارجيّ أو عامّ.
- لا بُدَّ أن تكونَ الغرفةُ مضاءة جيدا حتى يستطيع المراقب أن يرى الطالب بوضوح.
- لا يقبل وجود أسطوانات أو نظارات، أو مرآة مزدوجة، بالقرب من الممتحن.
- ولا يسمَح كذلك بوجود أي فوضى في مكان الممتحَن، أو أيّ مواد غير مطلوبة في الامتحان، وهذا يشمل: مكان جلوس الممتحَن، وما حول الحاسوب، وما تحت طاولة الحاسوب، والحوائط المحيطة بالممتحن.
أثناء الامتحان:
- يجب ألَّا يتحرك الطالبُ خارج مدى الكاميرا.
- يجب أن يُفتَح مُكبِّرُ الصوت وسمَّاعات جهاز الممتحَن طوال وقت الامتحان.
- لن يسمح برنامج المراقبة لحاسوب الطالب بفتح أيّ صفحة غير صفحة الامتحان.
بعد الامتحان:
- تُحفظ إجاباتُ الممتحَن على خادم "سيرفر" الجهة المنظِّمة للاختبار.
- يقوم الممتحَن بإغلاق برنامج المراقبة أو حذفه من حاسوبِه.
هل يُغنِي برنامجُ المراقَبة الإلكترونيَّة عن برامج الاختبارات المُحوسَبة؟
هذا البرنامج للتَّعرُّف على هُوية الممتحَن ومراقبته في أثناء الاختبار، وليس له علاقة بالأسئلة نفسها، فهو يلعب دور المراقِب في لجنة الامتحان، لكن تبقى أسئلة الاختبار خارج نطاق عمله، ومن ثَمَّ فلا بُدَّ من استخدام برنامج لبناء الاختبارات الإلكترونية.
كيف يمكنُ دمج برنامج المراقبة في أسئلة الاختبار؟
أغلب برامج المراقبة الإلكترونيّة تسمح بدمج نظام المراقبة داخل نظم التعليم الإلكتروني الخاصة بالمؤسسة التعليمية، فعلى سبيل المثال: إذا كان لدينا اختبار في الجامعة، ستقوم الجامعة بدمج نظام المراقبة هذا في بوابة الطلاب، ويدخل الطالب لموقع الجامعة بالطريقة العادية التي يدخل بها كلَّ يوم، وسيجد أيقونة خاصة أو رابط الاختبار في موعده المحدَّد ويبدأ الإجابة.
وإذا كانت المؤسّسة ليس لديها نظام تعليم إلكترونيّ، فهناك برامج مراقبة يمكن إضافتها كملحقات لبرامج الاختبارات الإلكترونية واستخدامها.
خطوات بناء اختبار في اللغة العربية مراقَب إلكترونيًّا:
يمكنُ القيام بهذه الخُطوات بإمكانات مجّانية متاحة على الإنترنت، وعلى مَن يرغب في إمكانات أعلى أن يشتري خدمات مدفوعة.
1 – قُم بتصميمِ اختبار اللغة العربية -الخاص بمؤسستك- بشكل مناسب للحاسوب، مع مراعاةِ أنه يمكنُ قياس فهم المقروء والمسموع والمحادثة والمفردات والصرف والنحو والثقافة عبر الأسئلة الموضوعية؛ وأقترح ألَّا تُقاس الكتابة عن طريق الكتابة على لوحة المفاتيح؛ لأنّنا هنا لا نقيس مهارة الكتابة فقط ولكن في هذه الحالة سنقيس قدرةَ الممتحَن على الكتابة بالعربية على لوحة المفاتيح، ومن ثَمَّ أنصح بأن يكون اختبارُ الكتابة ورقيًّا، ويقوم الطالب بمسح الورقة بأي برنامج مسح ضوئي ويرسلها إلى المؤسّسة.
انتبه:
بعضُ المعلمين يأخذ اختبارا ورقيًّا قديمًا ويُدخله على الحاسوب ليصير اختبارا مُحَوْسبا دون الانتباه لطبيعة الأسئلة؛ فليست كل الأسئلة الورقية تصلح للاختبارات المحوسبة.
2 – رتِّب زمن اختبار كلِّ مهارة بحيث لا يزيد عن ساعة وربع. (هذا رأي وليس نتيجة دراسة).
3-اخترِ التطبيقَ الذي ستبني به الاختبار، وإذا كنت لا تعرف أيّ تطبيق فابحث على الإنترنت بهذه الكلمة المفتاحية "الاختبار الإلكتروني" أو "الامتحان الإلكتروني".. ومن الضروري أن يكون برنامجُ بناء الاختبار يدعَم اللغة العربية على مستوى الخطّ والحركات واتجاه الكتابة من اليمين إلى اليسار، وهذا متوفّر.
4-ركِّبِ الأسئلةَ على الموقع الإلكتروني للاختبار.
5 – قد تحتاج إلى إضافة برنامج لتحديد موعد وزمن الاختبار، ويمكنك البحث بعبارة "تحديد وقت الاختبار الإلكتروني".
6 – لم أعثر على ملحقات مجانية للمراقبة الإلكترونية وقت كتابة هذا المقال، بل هناك خدمات مدفوعة، ويمكن الاستعاضة عنها بأن نطلب من الممتحَن فتح أيّ برنامج للتواصل المرئي مثل -سكايب أو زووم-على هاتفه بحيث يكون مراقَبًا طوال الامتحان.
انتبه:
- عند اختيار أي ملحقات تأكد أنها متفقة مع برنامج وموقع بناء الاختبار الإلكتروني ومتفقة مع اللغة العربية.
- البرامجُ المجانيَّة لا تُوفِّر كلَّ المعايير الذي ذكرناها في بداية هذا المقال، وقد تكون مقيَّدةً بعدد مُعيَّن من الطلاب وكذلك قد تكون مقيَّدةً بزمن محدَّد، فانتبه وتأكَّد من أنَّ الخصائص المُتاحة مجانًا تغطّي احتياجاتك.
7 – جَرِّب الاختبارَ عِدّة مرات من أوَّله إلى آخره للتأكُّد من أنَّ كلَّ شيء يعمل بشكل صحيح؛ فإنَّ أغلب الأخطاء تكون في تحديد الإجابات الصحيحة؛ أي أنّك أثناء عملية الإدخال تُدخل أحيانًا إجابات خاطئة -سهوًا-على أنّها صحيحة، ومن ثَمَّ فعند التصويب الإلكتروني للاختبار لا يحصل الطالب على درجته رغم أنَّه أجاب صوابًا، فانتبه.
8 – أَرسِل الاختبار لفريق الاختبارات العامل معك ليُجرِّب كلُّ واحد بنفسه ويعطيك تقريرا.
9 – يُنصَح ألَّا يجري الطلاب أكثر من امتحانين في اليوم. (رأي وليس نتيجة دراسة).
تعليمات الامتحان:
- تُرسل تعليماتُ الامتحان قبلَه بعدة أيَّام حتى يُرتِّب الطلابُ أمورهم، فربّما لا يكون لدى الطالب حاسوب محمول أو باقة إنترنت كافية.
- يُمكنُ عمل فيديو قصير يتضمنُ شرحًا عامًا لطريقة الامتحان (من إدخال الاسم حتى إنهاء الأسئلة)، ويُرسَل للطلاب قبل الامتحان، وإذا كُنتَ لا تعرف كيفية تنفيذ هذا الفيديو -وهو أمر سهل بالمناسبة- فابحث على الإنترنت بعبارة "برامج تصوير شاشة الكمبيوتر".
مُتطلَّبات الامتحان:
أَخبِر الطُّلاب بما سيحتاجون إليه أثناء الامتحان:
- حاسوب محمول مزوَّد ببطارية "تكفي ساعة ونصف على الأقل" لكل امتحان، ومزوَّد بكاميرا داخلية، ومكبر صوت وسماعات.
- باقة إنترنت تكفي لإجراء الامتحانات عبر الإنترنت المنزلي أو عبر شبكات الهواتف النّقَّالة.
نبِّه الطلاب إلى:
- التأكُد من أن بطارية الحاسوب المحمول مشحونة.
- باقة الإنترنت لدى الطالب كافية لمدّة الامتحانات.
- لن يسمح بقيام الطالب من مقعده طوال مدة الاختبار لأيّ سبب، ومن يقم سيغلق امتحانه.
- الاختبار سوف يسجَّل بكاميرا حاسوب الطالب، وإنْ كان هناك مشكلة في كاميرا الحاسوب فعلى الطالب أن يضع هاتفه أمامه ويفتح الكاميرا عبر أيّ تطبيق تواصل ليظهر للمراقب طوال الامتحان، وستحفظ هذه التسجيلات بمعرفة المؤسَّسة التعليمية وتحذف بعد فترة معيَّنة تحدِّدُها إدارة المؤسَّسة.
- لا يُسمَح بوجود أي شخص بجوار الطالب طوال الامتحان.
- إذا كان الطالبُ يحتاج تناول أيِّ أدوية أو ماء في أثناء الامتحان فلا بُدَّ أن تكون على مسافة قريبة في مدى الكاميرا؛ بحيث يتناولها الطالب أثناء الامتحان دون الحاجة لطلبها من أحد أو الخروج من مدى كاميرا المراقبة.
تجريبُ الطلاب للاختبار:
إذا كانت هذه هي المرَّةُ الأولى التي سيمتحن فيها طلابك إلكترونيًّا فعليك قبل الاختبار بيوم على الأقل أن تطلب من جميع الطلاب الاجتماع، وتجرّب معهم نسخةً -غير حقيقية- من الاختبار، لتكتشف أيّ مشاكل قد تعوق أداء الاختبار.
تنفيذُ الاختبار:
1- يحضر الطلابُ قبل الامتحان ويدخلون إلى النظام قبل الوقت المحدّد بـ15 دقيقة، ويجرّبون مُكبِّر الصوت والسماعات والكاميرا.
2-يُخصَّص مراقِب بشريّ لمتابعة كلِّ مجموعة من الطلاب، وعلى كلّ طالبٍ إبراز بطاقة هُويته لتسجّل بالكاميرا مع الامتحان.
3-يُكرِّر المراقبون إرسالَ تعليمات الاختبار للطلاب.
4 – في موعد الاختبار يُعطِي المراقب الإذن ببدء الإجابة.
اختبارُ الكتابة:
يُقترَح أن يُجرَى هذا الاختبار عبر برنامج للتواصل المرئي؛ مثل: زووم، ويطلب من الطلاب فتح البرنامج والجلوس أمام الحاسوب بحيث يكون ذراعَا الطالب والطاولة وأدواته مرئيةً للكاميرا، ويبدأ الطالب الإجابة في ورقة، ثمّ بنهاية الإجابة يصوِّرها بأيّ برنامج مسح ضوئي -دون أن يخرج من مدى الكاميرا- ويُرسلها إلى بريد محدّد أو يرفعها على وسيط تخزين خاص بالمؤسسة... إلخ.
لا يَترُك الطالب مكانه، قبل أن يتسلّم المراقب الورقة إلكترونيا، ويتأكَّد من أنَّ صورة ورقة الكتابة واضحة ومكتملة، وبعدها ينتهي الامتحان.
الاختبارُ الشَّفهيّ:
يُقترَح أن يُجرَى عبر برنامج للتواصل المرئي؛ مثل زووم أو سكايب، وأن يتمَّ بمُقَيِّمَيْنِ، وأن يكون بين 15 و25 دقيقة، ويُسجَّل اللقاء مع الطالب بعد موافقته الرسمية، وتكون هناك معايير واضحة لتقييم أداء الطالب، فكل مُقيِّم يمنح درجة للطالب وَفق عناصر محدَّدة، ويُحسب المتوسط لحساب درجة الطالب. أنصحُ بالاطِّلاع على الأوراق المتعلقة بـ"اختبار المقابلة الشفهية للمجلس الأمريكي لتعليم اللغات الأجنبية".
التَّصويبُ الإلكترونيّ:
يَقُوم برنامج الاختبارات بإصدارِ النتائج بشكلٍ إلكترونيّ، إلَّا أنَّ دور المسئول عن الاختبارات لا ينتهي؛ فعليك أن تلاحظ تقرير إجابات الطلاب على أسئلة الامتحان، وإذا وجدت سؤالا أو أكثر أخفق فيه أغلب الطلاب فانتبه إلى أنه ربّما تكون الإجابة المُدخلَة غيرَ صحيحة.
إذا كانت هذه هي المرة الأولى لك في التعامل مع هذا النَّوع من الاختبارات فيُنصح بأن تستعين بأشخاص لهم خبرة بالتقنية، وأن تجرّب كثيرا –قبل موعد الاختبار- حتى تتأكَّد من أنَّه يؤدي هدفَه المنشود دون أي مشاكلٍ ودون إرهاق الطلاب نفسيًّا.
وهناك معايير لا بُدَّ من مراعاتها في الاختبارات المُحوسَبة سنتناولها في مقالٍ آخر إن شاء الله.
* كلماتٌ مِفتاحيَّة للاستزادة في هذا الموضوع:
الاختبار الإلكتروني، تصحيح الامتحان الإلكتروني، إضافة زمن للاختبار الإلكتروني
“Online Learning Integrity”, “academic " online exam proctor", " “academic integrity,” Online learner authentication" Protect Online Exam".
مراجع:
Bailie, J. L., & Jortberg, M. A. (2009). Online learner authentication: Verifying the identity of online users. Journal of Online Learning and Teaching, 5(2), 197-207.
Lee-Post, A. & Hapke, H (2017). Online learning integrity approaches: Current practices and future solutions, Online Learning 21(1),135-145. doi: 10.24059/olj.v21i1.843