غيّر "التحول الرقمي" وجه العالم، فالانتشار السريع لتقنية المعلومات قوة لا يمكن الوقوف في وجهها، وليست الطفولة استثناء، فمنذ اللحظة الأولى التي يفتح فيها ملايين الأطفال أعينهم على هذا العالم وهم يغرقون في تدفق من الاتصالات عبر العالم الرقمي بدءا من الرعاية الطبية التي يتلقونها إلى الصور التي يتم تبادلها عبر الإنترنت للحظاتهم الأولى.
(2)
ومع نمو الأطفال تنمو معهم قدرة التقنية الرقمية على تشكيل تجاربهم الحياتية، ويشير تقرير لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) عن حالة أطفال العالم عام 2017 "الأطفال في عالم رقمي" إلى أن المراهقين الأقل من 18 عاما يشكلون نحو ثلث مستخدمي الإنترنت في مختلف أنحاء العالم.
وهناك أدلة كثيرة ﺗﺒﯿﻦ أن اﻷﻃﻔﺎل ﯾﺪﺧﻠﻮن اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ ﺑﺄﻋﻤﺎر أﺻﻐﺮ مما كان. وﻓﻲ ﺑﻌﺾ اﻟﺒﻠﺪان ﯾﻜﻮن معدل استخدام من هم دون 15 سنة ﻣﻤﺎﺛﻼ للمعدل عند البالغين فوق 25 سنة.
ويشير التقرير إلى أن فئة الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاما هي الفئة الأكثر استخداما للإنترنت على مستوى العالم وأن 71% منهم موصولون بالإنترنت مقابل 29% غير موصولين بالإنترنت (346 مليون) من الشباب.
اﻟﺸﺒﺎب اﻷﻓﺎرﻗﺔ ھﻢ اﻷﻗﻞ استخداما للإنترنت، ففي أفريقيا 3 من كل 5 غير مستخدمين للإنترنت مقابل 1 من بين كل 25 في أوروبا، وفي بنغلاديش وزيمبابوي يستخدم الإنترنت أقل من 1 من كل 20 شخصا.
(3)
وأوضح التقرير وجود فجوة بين الرجال والنساء حيث فاق عدد الرجال الذين يستخدمون الإنترنت عدد النساء بنسبة 12%، وﻓﻲاﻟﮭﻨﺪ أﻗﻞ ﻣﻦ ﺛﻠﺚ ﻣﺴﺘﺨﺪﻣﻲ اﻹﻧﺘﺮﻧﺖ ﻣﻦ اﻹﻧﺎث.
(4)
عكست الفوارق الاقتصادية بين الدول أثرها على مستخدمي الإنترنت، ففي البلدان المتقدمة 81% من السكان مستخدمون للإنترنت، و40% من السكان في البلدان النامية، وفي البلدان الأقل نموا بلغت النسبة 15% فقط.
(5)
ويواجه المليارات من الأطفال على شبكة الإنترنت عدم وجود محتوى على الإنترنت بلغتهم الأم، وقد يؤدي ذلك إلى تثبيط المحتملين عن محاولة الدخول على الإنترنت، وبعض الأطفال الذين يدخلون الإنترنت لأول مرة يجدون أنفسهم في فضاء رقمي تغيب فيه لغتهم وثقافتهم واهتمامهم بشكل ملحوظ. وبطبيعة الحال فإن شبكة الإنترنت اليوم متعددة اللغات، ففي عام 2016 استحوذت 10 لغات فقط على غالبية مواقع الويب، وكان للغة الإنجليزية نصيب الأسد بنسبة بلغت 56% من المواقع.
فيما يخص المحتوى أشار التقرير إلى وجود فجوة في المحتوى بين الدول، مشيرا إلى أن 92% من جميع عناوين الإنترنت الخاصة بالاعتداء الجنسي على الأطفال (كما حددتها مؤسسة مراقبة الإنترنت) تتم استضافتها في خمس دول فقط هي هولندا والولايات المتحدة وكندا وفرنسا والاتحاد الروسي.
(6)
في استطلاع لآراء الشباب -ضمن البحوث التي أجريت لهذا التقرير- وجد أن من فوائد استخدام الفضاء الرقمي:
• اﻟﺒﯿﺎﻧﺎت اﻟﻀﺨﻤﺔ ﻓﻲ حالات اﻟﻄﻮارئ الصحية: في حالات الطوارئ الصحية تستخدم التقنيات الرقمية لإنقاذ ملايين الأرواح، حيث تساعد بيانات الهاتف الجوال البلدان على الاستجابة بمزيد من الفعالية ومنع تفشي الأمراض، ففي عام 2013 خلال تفشي حمى الضنك في باكستان استخدمت بيانات مكالمات مجهولة المصدر من قرابة 40 مليون مشترك للتنبؤ بانتشار المرض وتوقيته مما ساهم في تحسين آليات الاستجابة الوطنية.
• التقنيات الرقمية والمستقبل المشرق: بحلول عام 2050، يتوقع أن نصف زيادة السكان في العالم سيتركز في أفريقيا، وتشير التقديرات إلى أن عدد سكان أفريقيا سيتضاعف من 240 مليون نسمة في 2016 إلى 460 مليون في 2050 وأن 65% من الأطفال الملتحقين بالمدرسة الابتدائية اليوم سيعملون في وظائف لم تخرج إلى حيز الوجود من قبيل الوظائف في الذكاء الاصطناعي والتعلم الآلي والتحكم الآلي والطباعة الثلاثية الأبعاد والتقنيات النانوية.
• ھﻨﺎك ﻣﺎ ﯾﻘﺮب من 50 مليون طفل متنقل منهم 28 مليون طفل أخرجوا من ديارهم ﺑﺴﺒﺐ اﻟﺼﺮاﻋﺎت، وﻣﻼﯾﯿﻦ آﺧﺮﯾﻦ ھﺮﺑﻮا من الفقر المدقع واﻵﺛﺎر اﻟﻤﺘﺰاﯾﺪة ﻟﺘﻐﯿﺮ اﻟﻤﻨﺎخ، يعتمد هؤلاء الأطفال على التقنية الرقمية طيلة رحلاتهم وانتقالهم وللتواصل مع أهاليهم.
(7)
صنف الباحثون المخاطر الواسعة التي يواجهها الأطفال على الإنترنت إلى ثلاث فئات: مخاطر المحتوى، ومخاطر الاتصال، ومخاطر السلوك.
(8)
وحث التقرير على محو الأمية الرقمية وإبقاء الأطفال مطلعين ومشاركين وآمنين على الإنترنت عن طريق زيادة التعاون بين الحكومات وخبراء التقنية لتطوير منصات ومناهج تقنيات المعلومات والاتصالات في المدارس. وحث على الاستثمار في تدريب المعلمين في مجال التقنية الرقمية وتعليم الأطفال مخاطر الإنترنت وكيف يحمون أنفسهم منها.