عزل الحصار الإسرائيلي سكان غزّة عن العالم الخارجي على مدار 13 عاما، لكن كثيرا من شباب غزّة استطاعوا التغلب على ظروف الحصار بإيجاد فرص عمل عبر الإنترنت.
ومن هؤلاء الشابة أسماء أبو تيلخ التي أنتجت قصصا وروايات على شكل رسوم متحركة، تسهّل تعلّم اللغة العربية. وقد بدأت أسماء أبو تيلخ التفكير في هذا المشروع بعد تخرّجها في قسم تكنولوجيا المعلومات بالجامعة الإسلامية عام 2010.
قصص لتعليم اللغة العربية
قدمت أسماء أبو تيلخ مبادرة بإنشاء قصص بالرسوم الكرتونية وإنتاج فيديوهات تعليمية موجّهة إلى العرب في الدول غير الناطقة بالعربية خصوصا فئة الأطفال والشباب لتلبّي حاجتهم لتعلم اللغة العربية.
وبعد حصولها على دعم من مؤسسات مهتمة بالمبادرات الإبداعية، طورت خط إنتاج للكتابة للجمهور الخارجي في الدول غير العربية لتعليم أبنائهم اللغة العربية، وأنجزت كثيرا من المشاريع شملت تأليف كتب ومقالات مختصة وقصص وروايات باللغة العربية الفصحى.
وتقول أسماء إن آخر الروايات الكرتونية التي أنتجتها كانت بعنوان "المصير" وإنها "تتحدث عن فلسطين في المستقبل والخيال العلمي والسفر عبر الفضاء، وكيف استطاعت فلسطين المحتلة بمجهودات أبنائها الاستقلال والحرية وتكوين حضارة كبيرة تدافع عن المظلومين".
المَقْرَأة الإلكترونية
من زاوية أخرى، قام شباب مبادرون بالتعاون مع دار القرآن الكريم والسنة في قطاع غزة بإطلاق برنامج المقرأة الإلكترونية، لتعزيز التواصل الثقافي الإسلامي والعربي مع الدول الأجنبية والمسلمين فيها وتعليم قراءة القرآن الكريم وأحكام التجويد، بالاستعانة بشيوخ ومقرئين كبار. واستطاع هذا البرنامج خلال ثلاثة أعوام الوصول إلى العديد من المسلمين في العالم.
ومن الشخصيات البارزة في هذا المشروع هناء نصار (29 عاما)، وهي مُقرِئة حاصلة على دبلوم في القراءات العشر.
ظلّت هناء تدرِّس الطالبات القرآن الكريم في مساجد غزة منذ 2013، وعندما أُعلن عن الإعداد للمقرأة الإلكترونية تم ترشيحها لتقوم بهذه المهمة في قسم الطالبات. ومن هنا بدأت تُحفّظ الشابات المسلمات القرآن الكريم في دول مثل إندونيسيا وماليزيا وتعرفهم الثقافة الإسلامية والعربية.
تقدم "المقرأة" العديد من الدورات، وتركّز على دورات التلاوة والتجويد والقراءات، وشرح متون التجويد، والسند المتصل. وبذلك استطاعت أن تكون حلقة وصل بين فلسطين والطلاب الراغبين تعلّم القرآن الكريم عبر الإنترنت.
وتشارك في المقرأة طالبات من معظم الدول العربية، وقد تمكنت من تخريج ما يزيد على خمسة آلاف طالب وطالبة ينتمون إلى أكثر من ستين دولة.
وتؤكد هناء نصار ازدياد إقبال الطلاب على برامج المقرأة وتقول إنها "تتوقع أن يكوّن المشروع خلال عشر سنوات منظومة ثقافية إسلامية كبيرة تربط المسلمين وأبناء العرب في المهجر بالثقافة العربية والإسلامية".
إقبال غير عادي
الاستشاري في مواقع التواصل الاجتماعي والعمل عن بُعد خالد صافي، يلاحظ الإقبال غير العادي من الشباب الغزي على التواصل مع العالم الخارجي لبناء جسر ثقافي وتغيير واقعهم الاقتصادي، وذلك من خلال مشاريع غير تقليدية.
ويشير صافي إلى أن ماليزيا وإندونيسيا وباكستان ودولا أخرى تستفيد من خدمات الشباب في غزة.
ويبيّن أسباب هذا الإقبال بقوله "سهلت مواقع التواصل الاجتماعي إمكانية الوصول للجماعات والفئة المحتاجة للتعليم والخدمات، من خلال التسويق لخدماتهم على مدار خمسة أعوام، إلى جانب أن المسلمين بالعالم يتعلمون من الفلسطينيين ويحصلون على خدمات منهم على سبيل الدعم والمساهمة".