كان للذئب حديقة صغيرة ورثها عن أمه، وكان يزرع فيها كثيرا من الكرنب، ويتعهدها بعنايته، حتى امتلأت بأحسن أنواع الكرنب اللذيذ.
وفي يوم من الأيام دخل الأرنب حديقة الذئب، ورأى ما فيها من الكرنب الشهي، فأكل منه حتى شبع. ثم خرج من الحديقة، وعاد إلى بيته فرحا مسرورا.
وبعد قليل من الزمن رجع الذئب إلى حديقته، ليتعهد ما فيها من الكرنب. ولما رأى ما أصاب الكرنب من التلف، دهش أشد الدهش، وقال في نفسه متعجبا: من يا ترى جاء إلى حديقتي؟ وكيف جرؤ على أكل ما زرعته فيها من الكرنب؟
وبحث الذئب في أرض الحديقة، فرأى آثار أقدام الأرنب، فعرف أن جاره الأرنب هو الذي دخل حديقته، وأكل مما فيها من الكرنب.
ثم إن الذئب فكر طويلا في الوسيلة التي يسلكها للانتقام من ذلك الأرنب الجريء.
...
ولما تمكن الذئب من الأرنب قال له ساخرا: صباح الخير!
آنستنا يا سيد الأرانب!
لقد زرت حديقتي أمس واليوم، ولن تزورها مرة أخرى!
فذعر الأرنب وأيقن بالهلاك، وندم على مجيئه أشد الندم، وجعل يفكر في حيلة ينجو بها.
فقال للذئب: وماذا تريد أن تصنع بي يا سيد الذئاب؟
قال: سأشوي لحمك!
فلما سمع الأرنب ذلك، قال للذئب ضاحكا: ها ها!
أنا لا أخشى النار أبدا، فامض بربك وأحرقني!
لقد كنت أخشى أن تلقيني على الشوك، لأني لا أخاف غير الشوك!
فانخدع الذئب بحيلة الأرنب وألقاه على الشوك!
فأسرع الأرنب بالفرار، والتفت إلى الذئب وقال له:
أشكرك يا سيد الذئاب، فقد أنقذتني من الهلاك.
أنا لا أخشى الشوك يا سيدي، فقد ولدت وعشت طول عمري بين الأشواك!
وأسرع الأرنب يعدو إلى بيته، وهو مسرور بنجاته من الموت!
المصدر
الأرنب الذكي تأليف كامل كيلاني
مؤسسة هنداوي
ص 5-12 (بتصرف).
كَانَ لِلذِّئْبِ حَدِيقَةٌ صَغِيرَةٌ وَرِثَها عَنْ أُمِّهِ، وكانَ يَزْرَعُ فِيها كَثِيرًا مِنَ الْكُرْنُبِ، وَيَتَعَهَّدُهَا بِعِنَايَتِهِ، حَتَّى امْتَلَأتْ بِأَحْسَنِ أَنْوَاعِ الْكُرْنُبِ اللَّذِيذِ.
وَفِي يَوْمٍ مِنَ الْأيَّامِ دَخَلَ الْأرْنَبُ حَدِيقَةَ الذِّئْبِ، وَرَأَى مَا فِيها مِنَ الْكُرْنُبِ الْشَّهِيِّ، فَأَكَلَ مِنْهُ حَتَّى شَبِعَ. ثُمَّ خَرَجَ مِنَ الْحَدِيْقَةِ، وَعادَ إِلَىَ بَيْتِهَ فَرِحًا مَسْرُورًا.
وَبَعْدَ قَلِيلٍ مِنَ الزَّمَنِ رَجَعَ الذِّئْبُ إلَى حَدِيقَتِهِ، لِيَتَعَهَّدَ مَا فِيها مِنَ الْكُرْنُبِ.
وَلَمَّا رَأَى مَا أَصابَ الْكُرْنُبَ مِنَ التَّلَفِ، دَهِشَ أَشَدَّ الدَّهَشِ، وَقَالَ فِيْ نَفْسِهِ مُتَعَجِّبًا: مَنْ يا تُرَى جاءَ إِلَى حَدِيقَتِي؟ وَكَيْفَ جَرُؤَ عَلَى أَكْلِ مَا زَرَعَتُهُ فِيها مِنَ الْكُرْنُبِ؟
وَبَحَثَ الذِّئْبُ فِي أَرْضِ الْحَدِيقَةِ، فَرَأَى آثارَ أَقْدَامِ الْأرْنَبِ، فَعَرَفَ أَنَّ جَارَهُ الْأرْنَبَ هُوَ الَّذي دَخَلَ حَدِيقَتَهُ، وأَكَلَ مِمَّا فِيها مِنَ الْكُرْنُبِ.
ثُمَّ إِنَّ الذِّئْبَ فَكَّرَ طَوِيلًا فِي الْوَسِيلَةِ الَّتِي يَسْلُكُهَا لِلِانْتِقامِ مِنْ ذلكَ الْأرْنَبِ الْجَرِيءِ.
...
ولَمَّا تَمَكَّنَ الذِّئْبُ مِنَ الْأَرْنَبِ قَالَ لَهُ سَاخِرًا: صَبَاح الخَيْرِ!
آنَسْتَنَا يَا سَيِّدَ الْأَرَانِبِ!
لَقَدْ زُرْتَ حَدِيقَتِي أَمْسِ وَالْيَوْمَ، وَلَنْ تَزُورَهَا مَرَّةً أُخْرَى!
فَذُعِرَ الْأَرْنَبُ وَأَيْقَنَ بِالْهَلاكِ، وَنَدِمَ عَلَى مَجِيئِهِ أَشَدَّ النَّدَمِ، وَجَعَلَ يُفَكِّرُ فِي حِيلَةٍ يَنْجُو بِهَا.
فَقَالَ لِلذِّئْبِ: وَمَاذَا تُرِيدُ أَنْ تَصْنَعَ بِي يَا سَيِّدَ الذِّئَابِ؟
قَالَ: سَأَشْوِي لَحْمَكَ!
فَلَمَّا سَمِعَ الْأرْنَبُ ذَلِكَ، قََالَ لِلذِّئْبِ ضَاحِكًا: هَا هَا!
أَنَا لَا أَخْشَى النَّارَ أَبَدًا، فَامْضِ بِرَبِّكَ وَأَحْرِقْنِيِ!
لَقَدْ كُنْتُ أَخْشَى أَنْ تُلْقِيَنِي عَلَى الشَّوْكِ، لِأَنِّي لَا أَخَافُ غَيْرَ الْشَّوْكِ!
فَانْخَدَعَ الذِّئْبُ بِحِيلَةِ الْأرْنَبِ وَأَلْقَاهُ عَلَى الشَّوْكِ!
فَأَسْرَعَ الْأرْنَبُ بِالْفِرَارِ، وَالْتَفَتَ إِلَى الذِّئْبِ وَقَالَ لَهُ:
أَشْكُرُكَ يَا سيِّدَ الذِّئَابِ، فَقَدْ أَنْقَذْتَنِي مِنَ الْهَلَاكِ.
أَنَا لَا أَخْشَى الشَّوْكَ يَا سَيِّدِي، فَقَدْ وُلِدْتُ وَعِشْتُ طُولَ عُمْرِي بَيْنَ الأشَوَاكِ!
وَأَسْرَعَ الْأرَنَبُ يَعْدُو إِلَى بَيْتِه، وَهُوَ مَسْرُورٌ بِنَجَاتِهِ مِنَ الْمَوْتِ!
المصدر
الأرنب الذكي تأليف كامل كيلاني
مؤسسة هنداوي
ص 5-12 (بتصرف).