إنّ الدرس الأكثر أهمية في تعليم العربية للناطقين بغيرها الذي يقع على كاهل المعلم هو بناء الثقة لدى الدّارس، فمن السهل لهؤلاء المتعلمين أن يكونوا بارعين في اللغة العربية عندما يتم منحهم المزيد من الفرص للتحدث والتعبير عن أنفسهم. على الرغم من أن هناك الكثير من إستراتيجيات التدريس لتعزيز إجادة اللغة العربية وإتقانها؛ فإن التدريس بالاستناد إلى إستراتيجية الحجاج يعد واحداً من الخيارات الأكثر شعبية ومناسبة لكثير من المعلّمين المعاصرين.
لماذا الحجاج؟
إنّ استخدام الحجاج بوصفه إستراتيجية تعليمية كمن يضرب مجموعة من الطيور بحجر واحد. أولا وقبل كل شيء، إنّه وسيلة رائعة لتحسين مهارات التحدث لكل الطلبة، كما يسمح لهم بإجراء البحوث وقراءة المزيد من النصوص باللغة العربية. وفي أثناء هذه العملية، يمكنهم توسيع مفرداتهم أيضاً وامتلاكها، والأهم من ذلك كله أنه يتم تعزيز مهارات التفكير النقدي. فهناك أربعة مكونات رئيسية في إتقان اللغة الإنجليزية. ويشمل ذلك الاستماع والتحدث والقراءة والكتابة. ويتم التأكيد على اكتساب هذه المهارات من خلال عملية الحجاج نفسها، ومن البحث في القضايا المطروحة للحجاج، وطرح الحجج والأدلة والبراهين ودحضها ونقدها، والاستماع إلى المعارضين، ورورد فعل المدرِّس وغيرها.
كيفية تحضير الطلبة للحجاج
إن الطلبة غير الناطقين بالعربية الذين بدؤوا للتو في تعلّم اللغة قد لا يكونون متحمسين لفكرة الحجاج. ولذلك، فإن هذه الإستراتيجية تناسب أولئك الذين لديهم بالفعل فهم أساسي للغة، بمعنى أنها تناسب طلبة المستوى المتوسط فأعلى، وإن كانت رائعة ومثالية للمستوى المتقدم.
وينبغي أن يبدأ الطلبة بإجراء البحث والقراءة والاستماع واستطلاع الآراء حول القضایا الخلافیة أولاً، وأن لا يخوضوا في الحجاج قبل أن يفهموا موضوع الحجاج فعلا. اقض عزيزي المدرس بعض الوقت في شرح آليات الحجاج وخطواته، وما يمكن اكتسابه عند الحجاج. وعندما تشعر بجاهزيتهم اطلب منهم الدخول في حجاج شبه رسمي. وإذا أبدوا راحة في تبادل الأفكار بالفعل، فيمكن إجراء حجاج رسمي.
إيجابيات الحجاج وسلبياته
- من الضروري أن يدرك الدارسون أن الحجاج ليس ميداناً للقتال، بل هو تأسيس لبيئة تنافسية بطريقة صحية، والهدف من خلق هذه البيئة هو مساعدتهم في تحقيق ما يحتاجون إليه، وهو تطوير مهاراتهم في التحدث وتعزيز ثقتهم.
- يجب استثمار هذه البيئة، وهذه الفرص الحجاجية عبر استهداف مهارات أخرى مثل بناء المفردات وتوليدها، والقدرة على البحث وإدارة الوقت؛ فدروس اللغة العربية لا تستهدف ممارسة اللغة فحسب بل أيضاً تزويد الطلاب بالقيم التي يمكن استخدامها في الحياة الحقيقية.
- من أساسيات دروس الحجاج ألا يغادر الدارسون فصول اللغة وهم يشعرون بأنهم كانوا على خطأ. ويحق لهم في دروس الحجاج تقديم رأيهم الخاص ويجب احترامه. ولكنه يمكنهم أيضاً تبني آراء تخالف آراءهم الشخصية، ويكون ذلك من باب تحفيز الحجاج والاستمرار فيه، ويجب التأكيد أيضاً على أن الطلبة يستطيعون طرح ما يعتقدون أنه صحيح ولا أحد يجبرهم على تغيير معتقداتهم، فما يجري في الفصل هو لاكتساب اللغة ولا يعكس معتقدات المتعلم نفسه حول الموضوع.
- يجب أن نملك حسّاً رفيعاً في اختيار موضوعات الحجاج، فما أختاره لطلبتي في فصل دراسي قد لا يصلح لآخرين من خلفيات مختلفة، فقد نواجه بظروف تجعل اختيار بعض الموضوعات الحجاجية غير مناسب، ولا ينبغي مناقشتها على الإطلاق. وينطبق هذا بشكل خاص على أولئك الذين لديهم خلفيات سياسية ودينية قوية. يجب العثور على الموضوع الذي يحقق المتعة والفائدة للجميع.
- يجب عدم إغفال تقديم التغذية الراجعة في أثناء عملية الحجاج وبعده، فتصحيح استعمال بعض المفردات، وتصحيح بعض الأخطاء النحوية، والمفاهيم الثقافية أمر مهم من أجل تحسينها في الجولة المقبلة.
- إنّ الحجاج في فصل اللغة العربية يمكن أن يكون ممتعاً ومثيراً. وقد يكون من الصعب دفع الدارسين وإشراكهم في الحجاج في البداية، ولكن عندما يستشعرون أهمية الدّرس ومكانته سوف يكون التعلّم ذا معنى.