وقد رأينا إقبالا على تعلم اللغة العربية من غير أهلها لا نظير له في اللغات الأخرى. فهي لغة ساحرة تجذب الطلاب إليها من شتى بقاع الأرض ونحمد الله تعالى أن جعلنا من أهل هذه اللغة وقد أنعم الله علينا بأن جعلنا سفراء هذه اللغة ننقلها ونيسرها ونسهلها لغير أهلها ونكون جسرا تعبر اللغة من خلاله إلى كل العالم شرقا وغربا شمالا وجنوبا.
وكما نعلم فإن مهارات اللغة أربع وهي: الاستماع، والكلام، والقراءة، والكتابة.
وهذه المهارات وإن كانت مهمة كلها، فإن الكلام يحتل النصيب الأكبر في الأهمية. وكما يقال إذا كنت تتحدث باللغة فأنت تعرفها، وإذا لم تتحدث بها فأنت لا تعرفها وإن كنت تجيد ثلاث مهارات.
وهي مقسمة بهذا الشكل إلى مهارتين استقباليتين هما الاستماع والقراءة، ومهارتين إنتاجيتين هما المحادثة والكتابة.
وهنا سأسلط الضوء على مهارة المحادثة، فمهارة المحادثة أو الكلام نمارسها من أول يوم يبدأ فيه الطالب دراسة اللغة العربية، ويكون ذلك من خلال المدخل الشفوي الذي نعلم فيه الطالب الكلام عن طريق حوارات شفوية فالكلمة المفردة يجب توظيفها لخدمة مهارة الكلام في جمل وحوارات لكي تغرس في ذهن الطالب، وكل كلمة وكل جملة يدرسها الطالب يجب أن تكون دافعا إلى مزيد من الكلام، ويجب على الطالب خلال دراسته ألا يوقفه عن الكلام إلا استخدامه للقلم ليكتب. وبذلك تكون المهارات كلها تخدم مهارة الكلام.
والكلام من المهارات الأساسية التي يسعى الطالب إلى إتقانها عند تعلم اللغة الأجنبية. لذلك يجب الاهتمام بهذا الجانب ويجب على معلمي العربية أن يجعلوا همهم الأول وشغلهم الشاغل تمكين الطلاب من الحديث بالعربية، لأن الاتصال هو الهدف الأول لمتعلمي العربية.
وعلى الرغم من أهمية هذه المهارة فإننا نجد البعض يغفلها عند تعليمه للغة الثانية فنجده يولي مهارة معينة اهتماما أكبر على حساب المهارات الأخرى ونجد بعضهم يهتم بالقواعد فيسلك بذلك طريق القواعد والترجمة فترى الطلاب متمكنين في قواعد العربية لدرجة كبيرة لكنهم لا يستطيعون التحدث بالعربية أو إقامة حوارات بسيطة بها حيث نجد أحدهم يتلعثم ويتهته ثم يتوقف. وهذه الطريقة عفا عليها الزمان ويجب على أصحابها تغيير مسارهم وطريقتهم في التعليم.
وكما نعلم فإن بعض الطلاب -إن لم يكن كلهم- يقيس تقدمه في اللغة بمدى قدرته على التواصل مع الآخرين، فهو إن حفظ مليون كلمة ولم يستطع توظيفها ولا إقامة حوار مكتمل الأركان من استقبال وإنتاج فإنه لن يشعر بثمرة ما تعلمه بل ربما يشعر بالفشل.
ومن العوائق التي تحول بين الطالب والتواصل نقص الحصيلة اللغوية لديه والخوف من الوقوع في الخطأ. لذلك يجب تقوية الطالب بالمفردات والتراكيب والروابط التي تساعده على التواصل الدائم أو على الأقل في الموضوع المطروح للمناقشة. وكذلك يجب كسر حاجز الخوف لدى الطلاب وذلك بالتشجيع والتحفيز، فالشّعور الرائع الذي يحصل عليه المتعلم نتيجة التّحفيز هو ما يدفعه لأداء أفضل وإنتاج أكثر.
وسأتناول في مقالات لاحقة بعض الطرق الفعالة لتنمية مهارة المحادثة.