تعد مسألة تصحيح الأخطاء في فصول تعليم العربية للناطقين بغيرها من المعضلات الكبرى في المجال في ضوء هوس كثير من المعلمين بتدخلهم ومقاطعتهم للدارسين وتصحيح أخطائهم التي يجترحونها أثناء حديثهم على وجه الخصوص.
وتنقدح في ذهن المتأمل في هذا الشأن طائفة من التساؤلات أهمها:
- ما أنواع الأخطاء التي يرتكبها الدارسون؟
- هل ينبغي تصحيح أخطاء الدارسين؟
- متى ينبغي تصحيح أخطاء الدارسين؟
- أي أخطاء ينبغي تصحيحها للدارسين؟
- كيف ينبغي تصحيح أخطاء الدارسين؟
- من ينبغي له أن يقوم بتصحيح أخطاء الدارسين؟
يمكن تصنيف الأخطاء التي يرتكبها دارسو العربية إلى أخطاء في النّطق وأخطاء في الصرف، وأخطاء في النحو والتركيب على المستويين الكتابي والشفهي، وأخطاء في الثقافة، وقد تنعكس كل هذه الأخطاء في مهارات اللغة الأربع استقبالاً وإنتاجاً.
ويمكن القول إجابةً عن السؤال الثاني أنه من الضروري تصحيح أخطاء الدارسين لأنها تشكل فرصاً تعليمة إضافية فضلاً عن أنها تصقل وتهذب وتشذب ما تعمله المتعلم وتعطينا فكرة عن مستواه اللغوي وكيفية اكتسابه ونوعيته.
أمّا من حيث أنواع التصحيح فيمكن أن يكون من قبل المتعلم نفسه وفق إستراتيجيات معينة يضعها المعلم ويتفق فيها مع المتعلم، ويمكن أن تكون من قبل الزميل أو الزملاء وفق إستراتيجيات خاصة أيضاً، كما يمكن أن تكون من قبل المعلّم وفق إستراتيجيات معينة كذلك.
ومما ينبغي أدراكه في هذا الشأن ضرورة عدم مقاطعة المتعلم على الإطلاق طالما أننا نفهم ما يحاول المتعلم قوله. ويمكن عندئذ أن أقوم بعملية التصحيح بعيد انتهائه من الحديث أو التقديم أو أجمع ثلة من الأخطاء ثم أقوم بتصحيحها في نهاية الدرس الصفي، بحسب ما أراه مناسباً أو ترتيبي المسبق مع الدارسين.
وتقسم الأخطاء التي يجترحها الدارسون إلى قسمين رئيسين:
الأول يمكن أن نطلق عليه أخطاء، وهي الأخطاء التي يقع فيها نتيجة نقص المعرفة اللغوية بها أو جهلها تماماً، وهي تنبئنا بمستوى الدارس اللغوي ودرجة تمكنه من بعض المظاهر اللغوية، ومن ثم تعطينا مؤشرات لكيفية التدخل وتوفير التغذية الراجعة للمتعلم.
والثاني زلات اللسان التي يقع فيها المرء رغم معرفته بالقاعدة اللغوية، كأن يخطئ مرة في المطابقة في التذكير والتأنيث رغم معرفته بالقواعد، ويصيب فيها مرات أخرى.
ومن التسميات التي أحب أن أطلقها على هذين النمطين من الأخطاء: الأخطاء النمطية والأخطاء غير النمطية. فالأخطاء النمطية تشير إلى جهل المتعلم بالقاعدة أو عدم دراسته لها، وتشير الأخطاء غير النمطية إلى زلات اللسان وتبيّن أن المتعلم لم يبلغ بعد درجة التمكن الكلي.
ويمكن للدارسين أن يصحّحوا لأنفسهم أخطاء زلات اللسان والأخطاء غير النمطية، لكنهم لا يستطيعون أن يفعلوا ذلك في الأخطاء العادية والأخطاء النمطية.
أما إستراتيجيات التصحيح، فيمكن أن تكون مباشرة أو غير مباشرة، فقد تكون مباشرة بذكر الخطأ وصوابه كالخطأ في النطق أو الصرف أو النحو أو في المفردات أو التركيب إلخ، وقد تكون غير مباشرة عبر ما يمكن أن نسميه إعادة الصياغة أو أن نطلب من المتعلم أن يصحح لنفسه بعد إعطائه إشارة بوجود خطأ ما في كلامه كأن نقول مثلا: عفواً ماذا قلت؟ هل يمكن أن تعيد ما ذكرت؟ هل نقول ذلك هكذا؟ إلخ، أو عن طريق الأقران.
وأختم مقالتي هذه بضرورة أن يكون لدى المدرس رؤية وتصور لموضوع التصحيح وكيفية التعامل معه منذ بداية البرنامج إلى نهايته حتى لو اختلف عمّا ذكرناه آنفاً.