لم نسمع قط عن طفل لا يحب الرسم والألوان والقيام بالأعمال الفنية المختلفة؛ لما يستشعره من متعة وفائدة، إذ تتيح له قدرة التعبير عن الذات وتزيد من ثقته بنفسه، حيث إن بعض الأطباء النفسيين يستعملون الرسم للتواصل مع الطفل ليستطيع التعبير عن مشاعره التي لا يستطيع التعبير عنها بالكلام، فكيف لو وظفنا هذا الشيء المحبب للأطفال وهو القيام بالمشاريع الفنية في تعليمهم اللغة العربية لغة ثانية؟؟؟ من المؤكد أن النتائج ستكون إيجابية وسنلمس أثرًا ملحوظًا في اكتسابهم للغة.
تقوم الفكرة الرئيسة للتعليم القائم على المشاريع الفنية على إثارة اهتمام الأطفال الناطقين بغير العربية وتحفيزهم على اكتساب وتطبيق المعرفة الجديدة؛ إذ تمد المشاريع الفنية الأطفال الناطقين بغير العربية بمعرفة أعمق بالمادة التي يدرسونها، وتدمج بين المعرفة والفعل إذ تتيح للأطفال تلقي المعارف الأساسية وتطبيقها، فلا تظل المعرفة حبيسة الفهم المجرد، بل تتحول عن طريق المشاريع الفنية إلى خبرة مختزلة في أذهان الأطفال.
وتتميز المشاريع الفنية في عملية التعليم بالعديد من المزايا التي تتيح للأطفال الناطقين بغير العربية وعيًا أكبر في إدراك المفاهيم، وقاعدة معرفية أوسع، وتحسين الاتصال والمهارات الشخصية والاجتماعية وتعزيز مهارات القيادة وزيادة الإبداع، وتحسين مهارات الكتابة.
إن التعليم القائم على المشروع الفني يعيد تركيز التعليم على الطفل الناطق بغير العربية وليس على المنهاج، كما أنه يحرك العاطفة والإبداع والمرونة ويثير دافعية الطفل للتعليم، وهذه الأمور لا يمكن أن تدرس من خلال كتاب، ولكن يمكن تنشيطها من خلال التجربة.
وينبغي للمعلم أن يلعب دور المُيسِّر والموجِّه، وأن يعمل مع الأطفال الناطقين بغير العربية حول تأطير المسائل الجديرة بالاهتمام وهيكلة المهام ذات المغزى، والتدريب على تطوير المعرفة والمهارات الاجتماعية.
ومن الإجراءات المتبعة عند تعليم العربية للأطفال الناطقين بغيرها عبر المشاريع الفنية الآتي:
1- بيان الهدف من المشروع وتحديد الموضوعات التي سيتم تنفيذها، وتسليط الضوء على أهمية المشاريع الفنية التي سيقدمها الطلبة.
2- طرح مجموعة من الأفكار لمساعدة الطلبة على اختيار المشروع، وجعل الباب مفتوحًا أمام الطلبة لاختيار المشروع الأمثل الذي يعبر عن فكرهم وتقديمه أمام الطلبة.
3- تقسيم الطلبة لمجموعات، وتوزيع الموضوعات عليهم، ومتابعة المعلم إجراءات سير الطلبة في إعداد المشروع الفني.
4- عرض المشاريع الفنية من قبل الطلبة، ومنحهم الفرصة الكافية للشرح، والثناء عليهم وتشجيعهم وبيان قيمة عملهم الفني، وحثهم على تلخيص ما توصلوا إليه بلغتهم.
5- القيام بالتغذية الراجعة من قبل المعلم لترسيخ المعلومات في أذهان الطلبة.
ومن المشاريع الفنية التي يمكن تنفيذها في تعليم العربية للأطفال الناطقين بغيرها:
1- تصميم بيت وجعل كل طابق فيه أو جزء لأقسام الكلام
2- تصميم مزرعة للحيوانات والأشجار لضمائر الرفع المنفصلة
3- تصميم ملعب كرة قدم فيه فريقان الفريق الأول يمثل كان وأخواتها والفريق الثاني يمثل إن وأخواتها.
4- تصميم غيمة ممطرة لحروف العطف
5- تصميم مجسم للشمس والقمر للدلالة على ال الشمسية وال القمرية وحروفهما.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
2/8/2017
الاندماج الاجتماعي للناطقين بغير العربية في المجتمعات العربية
للاندماج الاجتماعي للناطقين بغير العربية تأثير كبير على تعلمه للغة العربية، كما له الدور الأبرز في مدى تحقيق الطالب للنجاح وبلوغه لهدفه من تعلم اللغة؛ فالطالب الذي يكون أكثر اندماجًا في البيئة العربية يكون أسرع تعلمًا وإنتاجًا من الطالب محدود الاندماج الاجتماعي، إذ يعاني الأخير العديد من الصعوبات التي تحول دون تحقيقه النجاح، وتواصله باللغة العربية.
وتطرح قضية الاندماج الاجتماعي للناطق بغير العربية في الفترة الأولى التي يلتحق فيها الطالب بمعهد لتعلم العربية في بلد عربي، واصطدامه بواقع مغاير للذي كان يعيش في بيئته من حيث ساعات الدوام في المعهد، ونوعية الطعام و طريقة اللبس ، والاستقلالية والانضباط مع الطلاب في السكن.
فنجد الناطق بغير العربية يواجه صعوبات في التكيف والتأقلم مع مجتمع اللغة الذي يود دراستها، ويميل للعزلة الاجتماعية، وبالتالي عدم التكيف مع أجناس الطلبة المختلفة والأساتذة والبيئة، مما يؤثر على دافعيته للتعلم وتقل استجابته.
وتكمن أهمية الاندماج الاجتماعي للناطق بغير العربية في زيادة دافعيته للتعلم وزيادة ثقته بنفسه، وتوسيع آفاق التفاعل الاجتماعي مع مختلف الفئات لكسر طوق العزلة والهامشية التي قد يستشعرها الناطق بغير العربية، والاستفادة من المعرفة اللغوية والعلمية في البلاد.
ويستلزم الاندماج أمرين: أولهما إدارة الإنسان وسعيه للاندماج والتكيف، وثانيهما القدرة الاندماجية للمجتمع عبر احترام اختلاف الأشخاص.
ويمكن تحقيق الاندماج الاجتماعي عن طريق الآتي:
- توفير برامج عديدة تهدف إلى إخراج الناطق بغير العربية من عزلته، وكذلك مساعدته على التأقلم في المجتمع الجديد مثل برنامج الشريك اللغوي الذي تتمحور فكرته في أن يقوم طالب عربي بمصاحبة الناطق بغير العربية ومساعدته على حل مشاكله اليومية في البلد العربي الذي يدرس فيه، وكذلك مساعدته في فهم الدروس واستيعابها عن طريق الشرح اللغوي، ويساعده في إيجاد السكن الملائم والخروج معه للتسوق، والتعرف على أوجه الحياة الأخرى في ذلك البلد العربي.
- تنظيم بعض الأنشطة كعروض السينما وحفلات التعارف وإقامة يوم علمي وثقافي للجنسيات المختلفة ، تتيح للطالب التعرف على الثقافات المختلفة ، و تحقيق الانسجام معها.
------------------------------
أثر الدافعية في تعليم العربية للناطقين بغيرها
تعد الدافعية من أكثر الأمور التي تسهم بشكل فعّال في نجاح العملية التعليمية، ويعرف محي الدين توق الدافعية: بأنها حالة داخلية لدى المتعلم تدفعه إلى الانتباه للموقف التعليمي، والإقبال عليه بنشاط موجه، والاستمرار في هذا النشاط حتى يتحقق التعلم.
وتنقسم الدافعية لدى الناطق بغير العربية نحو تعلمها إلى قسمين: الدافعية الوسيلية، والدافعية التكاملية، وقد أشار جاردنر إلى أن الدافعية الوسيلية هي التي تدفع الأجانب إلى تعلم اللغة لحاجات قصيرة المدى كالحصول على وظيفة شاغرة أو التمتع بالسياحة أو الاستجابة لمتطلبات مقرر دراسي معين، أو الحصول على درجة علمية، أو الاستجابة لشعائر دينية يلزمهم أداؤها بهذه اللغة، أما الدافعية التكاملية فهي التي تستحث الأجانب على التعلم من أجل تحقيق أهداف أهمها: الاتصال بمتحدثي اللغة، وممارسة لغتهم، وفهم ثقافتهم وتقاليدهم.
ويرى العصيلي أن الدافعية تلعب دورًا فعّالًا في العملية التعليمية، بل هي معيار في نجاح المتعلم أو فشله في تعلم اللغة العربية، والسيطرة على مهاراتها الأربع (الاستماع، المحادثة، القراءة، الكتابة) لأنها توجه النشاط الذي يقوم به المتعلم وتحدده، فاستعمال اللغة والتواصل بها مع الناس غالبًا ما يكون السبب الطبيعي والحافز الأول لتعلم اللغة، ومن المعروف أيضًا أن المتعلم عندما يتجه إلى مجتمع اللغة الأجنبية وثقافته يزيد ذلك من رغبته في التواصل مع أهل تلك اللغة والاندماج معهم، وهذا يعود بالفائدة على المتعلم، مما يزيد من الدخل اللغوي الذي يؤدي إلى زيادة الكفاية اللغوية لديه، والسيطرة على المهارات اللغوية.
وقد أثبتت بعض الدراسات أنه كلما كانت دافعية المتعلم نحو مجتمع اللغة الأجنبية قوية زادت قدرته على تعلم اللغة وإثراء الحصيلة اللغوية لديه؛ لأنها تقود المتعلم إلى تقمص الشخصية الناطقة باللغة، وعملية استعمال اللغة من أفضل الوسائل لتعلمها والمحافظة عليها، على الرغم من أن فرص استعمال اللغة تتفاوت بين المتعلمين وفق بيئاتهم وثقافاتهم وطبيعة حياتهم.
وتكمن أهمية الحديث عن موضوع الدافعية في التعرف على نظرة الناطقين بغير العربية إلى العربية وطريقة تفكيرهم حولها، ومعرفة الدواعي التي يتعلمون العربية من أجلها، كما أن معرفة الدافعية لدى الناطق بغير العربية تساعد المختصين في تصميم برامج تدريبية لهؤلاء المتعلمين، ومعرفة مواطن القوة والضعف في هذه البرامج، الأمر الذي ينعكس إيجابًا على أدائهم اللغوي.
ويمكن للمعلم أن يزيد من دافعية الناطقين بغير العربية بمراعاة ما يأتي:
- ربط محتوى ما يتعلمه المتعلمين بواقع حياتهم وبيئتهم، بحيث تصبح المعلومات والمهارات المستهدفة وظيفية في حياة المتعلم.
- استعمال أساليب تدريسية فعّالة كأسلوب التعلم النشط، واستعمال التكنولوجيا، والتعلم من خلال العمل واللعب المنظم الذي يثير دافعية المتعلم ويحفزه إلى التعلم.
- تعويد المتعلمين على أن ينجزوا المهام بأنفسهم وتشجيعهم على ذلك وتقييم إنجازاتهم باستمرار وتوفير التغذية الراجعة لهم ليتقدموا في دراستهم وتعريفهم بالمعيار الذي يستخدم لقياس أدائهم، واستخدام أساليب تقويمية تؤدي إلى تصويب وتطوير أداء المتعلمين. |
- التقرب للمتعلمين والتفاعل معهم والاهتمام بتعليمهم وتحبيبهم في المعلم، فالناطق بغير العربية تزداد دافعيته لتعلم العربية إذا أحب معلمها. |
- مراعاة الفروق الفردية بين المتعلمين والتعرف على حاجاتهم وأهدافهم واكتشاف قدراتهم، وإشراكهم جميعا في النشاطات وتشجيع المبادرات الجيدة وتدعيمها، وطلب المزيد من الأفكار. |
- جعل مجموعات العمل متناسبة في التوزيع والمهام وشرح طبيعة المهام والنشاطات للمتعلمين وتدريبهم عليها ثم متابعة أدائهم وتشجيعهم على العمل بروح الفريق. |
- منحهم الفرصة للتعبير عن مشاعرهم التي تتعلق بتعلمهم أو نشاطاتهم. |
- |