كثيرًا ما يتعرض أساتذة العربية إلى مواقف محرجة، وأسئلة صعبة من قبل متعلمي العربية من الناطقين بغيرها، وخاصة أولئك المبتدئين منهم في المجال، حول كيفية تنمية الدارس لمهاراته في اللغة العربية عموماً، أو في مهارة من المهارات أو عنصر من عناصر اللغة على وجه الخصوص ، وقد تُنبنَى على هذا السؤال افتراضات مختلفة لدى الدارس والمدرس؛ لذلك خصصت هذه المقالة لما يمكن أن يكون نصائح وإرشادات للمعلم والمتعلم على السواء في تنمية مهارات العربية عموماً، والعناصر والمهارات الأربعة خصوصاً، وجعلتها في عشرات لكي يسهل التعامل معها وحفظها. وتكاد تكون مجتمعة خريطة طريق لمن ابتغى السير في تعليم العربية للناطقين بغيرها، فهي تجمع بين الأهداف والمحتوى وطرائق التدريس والتقويم، وهي تمثل خبرة عقدين ونيف من الزمان تدريساً للطلبة وتدريباً لمعلمي العربية للناطقين بغيرها.
وقد حاولت هذه الدراسة أن تجيب عن الأسئلة الآتية:
- كيف أطور لغتي عموماً؟
- كيف أطور مهارتي في المفردات؟
- كيف أطور مهارتي في القواعد؟
- كيف أطور مهارتي في الاستماع؟
- كيف أطور مهارتي في الكلام؟
- كيف أطور مهارتي في القراءة؟
- كيف أطور مهارتي في الكتابة؟
كيف أطور لغتي عمومًا؟
1. ضع لنفسك أهدافاً، واعمل على تحقيقها
تعد خطوة وضع أهداف لما يُنتوى القيام به أهم الخطوات في حياة المدرس والطالب على حدٍّ سواء، وهذه الأهداف نوعان أهداف طويلة المدى وأهداف قصيرة المدى، فيمكن مثلا أن يكون الهدف الطويل المدى بلوغ المستوى المتوسط الأوسط بحسب معايير المجلس الأمريكي مع نهاية هذا الفصل الدراسي وزيارة أكبر عدد من الأماكن السياحية من أجل ممارسة اللغة فيها، وأن يكون الهدف القريب أن أتمكن من تقديم نفسي أو أحد أصدقائي إلى جمهور من الناس بلغة سليمة، وأفكار متواصلة، وطلاقة مقبولة.
وينبغي أن يقوم الشخص بمراجعة هذه الأهداف بين وقت وآخر من أجل إجراء أي تعديلات مناسبة ارتفاعاً أو انخفاضاً، توسعة أو تضييقاً إلخ.
2. لا تخف من ارتكاب الأخطاء، وتعلّم منها
تعتري عملية تعلّم اللغة واكتسابها مجموعة كبيرة من العمليات، وكلما تنوعت الإستراتيجيات والنشاطات كان التعلم أكثر فائدة، وأمتع ممارسة. ومما ينبغي أن يطبقه متعلمو العربية اعتبار تصحيح الأخطاء التي يقعون فيها أثناء عملية تعلمهم إحدى الإستراتجيات في اكتساب اللغة، وقد أظهرت الدراسات التي أجريت مؤخراً على اللغات نجاعة هذه الطريقة، ودورها في تحقيق طلاقة ودقة لغوية متميزة.
3. اجعل ثقتك بالسماء، ودافعيتك فوق النجوم
تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين يتمتعون بدافعية ذاتية داخلية يحققون نتائج أفضل من هؤلاء الذين تعوزهم الدافعية الذاتية، كما أكدت الدراسات أن شغف وحب ما يقبل عليه الإنسان واكتساب اللغة هنا ليس بدعاً على ذلك، يساهم في تعلمه وإتقانه في وقت أقصر، وبطريقة أفضل. لذلك اجعل ثقتك في عنان السماء رغبة وإقبالاً على تعلّم العربية؛ لأن هذه الدافعية وهذا الحب سوف يسموان بك وبكفاءتك في اللغة العربية فهماً وإفهاماً.
4. احمل دفتراً على الدوام للمفردات الجديدة، وتدوين الملاحظات
تعد المفردات العمود الفقري لاكتساب اللغة أي لغة، لأننا بها نتواصل، وبها نَفهَم ونُفهم، واكتسابها يحتاج إلى جهود حثيثة، واجتهاد كبير، ومكابدة عظيمة، وطاقة هائلة في تذكرها وامتلاكها، ويحتاج المرء إلى استعمالها ما بين 6 و13 مرة حتى يكتسبها ويملكها، فهماً واستدعاءً وإنتاجاً، وعليه فهي تحتاج إلى رؤية ومتابعة وتنظيم وترتيب ودوام مراجعة.
وعليك عزيزي الدارس أن تحمل دفتراً صغيراً تراجع فيه كلماتك الجديدة في الحافلة، وفي البقالة وفي كل وقت وحين يكون لديك وقت فراغ، وأن تسجِّل فيه كل كلمة أو عبارة تسمعها وتشعر أنها مهمة ومفيدة في عملية تعلّمك للغة العربية.
5. اغمس نفسك في اللغة العربية
الانغماسُ اللغويُّ إستراتيجيةٌ تعليمية تستخدم أثناء تعلم أو اكتساب اللغة العربية، وهي إحدى أهم الإستراتيجيات المطبقة حالياً في اكتساب كل لغات الدّنيا، وكلما تحقق الانغماس اللغوي زادت الكفاءة اللغوي بشقيها: الطلاقة والدقة ناهيك عن اكتساب الثقافة وتمثلها؛ لذلك ينبغي أن يحرص المتعلم نفسه على أن ينغمس في كل سانحة تعن له من أجل اكتساب أفضل، ومن الوسائل التي تساعد المتعلم في الانغماس توظيف التكنولوجيا والتواصل مع الناطقين بالعربية، ومتابعة الأخبار باللغة الهدف، ومشاهدة الأفلام والمسلسات، وتكوين صداقات وعلاقات، والبحث عن المناسبات والمشاركة فيها، والتطوع فيما يحسن الدارس القيام به، فسيعمل ذلك على انغماس أسرع وأفيد، وأخيراً وليس آخراً الاستمتاع بكل مكان وزمان يعيشه المتعلم في بيئة اللغة الهدف.
6. مارس اللغة بكل مهاراتها: اكتب واقرأ واستمع وتحدث كل يوم
تعد ممارسة اللغة بمهاراتها الأربع أساس اكتساب اللغة العربية، فهي كما يقول المثل: "مارسها أو انسها"؛ حيث يتشرب عقل المتعلم المهارات إذا مارسها كثيراً وتمكن منها.
ومما يساعد على الممارسة الحديث مع النفس، والقراءة لها، ناهيك عن استغلال كل فرصة في التواصل باللغة الهدف، والتفكير باللغة العربية عبر التأمل أثناء الاستماع للكيفيات التي نعبر فيها عن وظائف اللغة، من تقديم النفس، والبرنامج اليومي، والسرد والوصف والمقارنة، وتسجيل الملاحظات والعبارات الجاهزة من متلازمات ومسكوكات وأمثال.
وتعد التسجيلات وإجراء المقابلات والحوارات وسيلة فعالة في ممارسة اللغة وتطويرها وتنميتها، ويعد الغناء مرحلة متقدمة مهمة في ممارسة اللغة والاستمتاع بعملية تعلّمها.
7. تحدث مع نفسك، وسجل لنفسك يومياً أو أسبوعياً
عُرِف عن العرب حديثهم مع أنفسهم منذ أن قال امرؤ القيس: "قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل" ترفيهاً عن أنفسهم لما كان عليهم أن يقطعوا الفيافي والقفار، وهي إلى الآن إحدى الإستراتيجيات المهمة في اكتساب اللغة وتنميتها، فهي تجري بشكل سلسل وطبيعي دون الشعور بالقلق من الموقف المهيب أمام الزملاء في بدايات التعلم، أو على الأقل تقلل من هيبته لدى ممارسته مع النفس، كما أن إستراتيجية تسجيل التقديمات والحوارات بشكل منتظم حول الوظائف اللغوية التي تنتمي إلى المستوى تعمل على رصد التطورات اللغوية بشكل واضح وبيّن. ولذلك ينصح كل أساتذة اللغات الأجنبية في الوقت الراهن بتوظيف هذه الإستراتيجية وتطبيقها.
8. استعمل القاموس
للقاموس دور كبير في اكتساب اللغة العربية للناطقين بغيرها، لذلك من الضروري أن يعوّد المدرس طلبته على استعمال القاموس بين الفينة والأخرى، فهو يشعر الطالب بأهمية العربية والتعرف إلى نظامها وكيفية طبيعتها، فضلا عن توفير فرصة لتعليم الدارسين المترادفات والأضداد، وحروف الجر المصاحبة لبعض الأفعال والكلمات، وكيفية استعمال الكلمات التي غالباً ما ترد في سياق يوضح كيفية استعمالها.
9. نمّ إستراتيجيات الحصول على المعرفة بالعربية: التخمين والجذر والوزن
تعددت مداخل تعليم اللغات الأجنبية خلال العقود القليلة الماضية من فلسفة التدريس المستندة إلى الأهداف، إلى المدخل المعتمد على المهارات، إلى مدخل الكفايات، إلى المعايير وأخيراً مدخل الإستراتيجيات الذي يعد الأحدث في مجال تدريس اللغات الأجنبية؛ لأنه يهدف برمته إلى تعليم المتعلم كيف يتعلّم؟ وتمكينه من الإستراتيجات التي يستطيع توظيفها في أي وقت.
10. اهتمّ بالمتلازمات والمترادفات والأضداد وأدوات الربط
اللغة نظام كليّ يتكون من مجموعة من الأنظمة الفرعية، وكل نظام فرعي يتكون من مجموعة من المستويات، وكلما كانت نظرتنا كلية شاملة إلى اللغة تعلمناها بشكل أفضل وشمولي.
ومن الجوانب المهملة التي لها دور كبير في كفاءة المتعلم في طلاقته ودقته المتلازمات والمترادفات وأدوات الربط التي تنعكس على لغة المتعلم بشكل واضح، ولا تستوي المناهج الدراسية في اشتمالها على هذه الأساسيات اللغوية، لذلك يأتي هنا دور المدرس والدارس في التركيز على هذه الجوانب وجعلها تأخذ حيزاً من عملية التعلّم.
**
*
يمكنكم مطالعة بقية محاور هذا الموضوع عبر الروابط التالية: